اللاهوت المقارن

242- نبوات عن يهوذا الإسخريوطي



242- نبوات عن يهوذا الإسخريوطي

242- نبوات عن يهوذا الإسخريوطي

هل
أمر المسيح يهوذا أن يسلمه؟ هل يهوذا خائن أم أنه غير خائن؟

هذه
نقطة الاختلاف..

 

هنا
وأطرح التساؤل التالى أمام الجميع: هل عند أحد ما يثبت من أسفار العهد القديم أن
المسيح يأمر يهوذا أن يسلمه؟

 

طبعاً
الكل سيجيب بالنفى لكن على أى حال السؤال مطروح لكل من يحب أن يتبرع بالإجابة فيما
بعد..

 

السؤال
المناظر فى الاتجاه الآخر: هل توجد فى العهد القديم نبوات تؤكد أن يهوذا خان السيد
المسيح؟

 

هذا
ما يجب أن نراه الآن لكى نحسم هذه القضية..

 

فلنبدأ
بسفر المزامير ونرى الاقتباسات التى تشير إلى يهوذا الإسخريوطى، وإن قيل لنا ما
الذى يثبت أنها تشير إلى يهوذا نرد بقولنا عمن تشير إذن إن لم تكن تشير إلى
يهوذا..

 

مزمور
41: 9 “رَجُلُ سَلاَمَتِي الَّذِي وَثَقْتُ بِهِ آكِلُ خُبْزِي رَفَعَ
عَلَيَّ عَقِبَهُ!” هنا يتكلم عن شخص واحد محدد خانه وليس إحدى عشر.

 

مزمور
55: 12-14 “لأَنَّهُ لَيْسَ عَدُوٌّ يُعَيِّرُنِي فَأَحْتَمِلَ. لَيْسَ
مُبْغِضِي تَعَظَّمَ عَلَيَّ فَأَخْتَبِئَ مِنْهُ. بَلْ أَنْتَ إِنْسَانٌ عَدِيلِي
إِلْفِي وَصَدِيقِي. الَّذِي مَعَهُ كَانَتْ تَحْلُو لَنَا الْعِشْرَةُ. إِلَى
بَيْتِ اللهِ كُنَّا نَذْهَبُ فِي الْجُمْهُورِ.”

 

لأنه
أحد تلاميذى لذلك أنا أحزن. هو عتاب مملوء بالأسى والحزن.

 

وقال
فى مزمور 55 أيضاً “أَلْيَنُ مِنَ الزَّيْتِ كَلِمَاتُهُ وَهِيَ سُيُوفٌ
مَسْلُولَةٌ” (مز 55: 21).

 

هذه
المزامير هى لداود، هناك مزامير كتبها آخرون لكن هذه المزامير هى لداود ونحن نعلم
أن المسيح هو ابن داود لذلك فإن مزامير داود لها صدى معين.

 

فى
المزمور 109: 6-21 وردت نبوة عن شخص أنا لم أرَ الكتاب المقدس كله إلى زماننا
الحاضر يتكلم باشمئزاز عن إنسان عاش أكثر من هذا الكلام الذى ورد عن هذا الإنسان.
هنا الابن يكلم الآب قائلاً:

 

“فَأَقِمْ
أَنْتَ عَلَيْهِ شِرِّيراً وَلْيَقِفْ شَيْطَانٌ عَنْ يَمِينِهِ. إِذَا حُوكِمَ
فَلْيَخْرُجْ مُذْنِباً وَصَلاَتُهُ فَلْتَكُنْ خَطِيَّةً. لِتَكُنْ أَيَّامُهُ
قَلِيلَةً وَوَظِيفَتُهُ لِيَأْخُذْهَا آخَرُ. لِيَكُنْ بَنُوهُ أَيْتَاماً
وَامْرَأَتُهُ أَرْمَلَةً. لِيَتِهْ بَنُوهُ تَيَهَاناً وَيَسْتَعْطُوا
وَيَلْتَمِسُوا خَيْراً مِنْ خِرَبِهِمْ. لِيَصْطَدِ الْمُرَابِي كُلَّ مَا لَهُ
وَلْيَنْهَبِ الْغُرَبَاءُ تَعَبَهُ. لاَ يَكُنْ لَهُ بَاسِطٌ رَحْمَةً وَلاَ
يَكُنْ مُتَرَئِفٌ عَلَى يَتَامَاهُ. لِتَنْقَرِضْ ذُرِّيَّتُهُ. فِي الْجِيلِ
الْقَادِمِ لِيُمْحَ اسْمُهُمْ. لِيُذْكَرْ إِثْمُ آبَائِهِ لَدَى الرَّبِّ وَلاَ
تُمْحَ خَطِيَّةُ أُمِّهِ. لِتَكُنْ أَمَامَ الرَّبِّ دَائِماً وَلْيَقْرِضْ مِنَ
الأَرْضِ ذِكْرَهُمْ. مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنْ يَصْنَعَ رَحْمَةً
بَلْ طَرَدَ إِنْسَاناً مِسْكِيناً وَفَقِيراً وَالْمُنْسَحِقَ الْقَلْبِ
لِيُمِيتَهُ. وَأَحَبَّ اللَّعْنَةَ فَأَتَتْهُ وَلَمْ يُسَرَّ بِالْبَرَكَةِ
فَتَبَاعَدَتْ عَنْهُ. وَلَبِسَ اللَّعْنَةَ مِثْلَ ثَوْبِهِ فَدَخَلَتْ كَمِيَاهٍ
فِي حَشَاهُ وَكَزَيْتٍ فِي عِظَامِهِ. لِتَكُنْ لَهُ كَثَوْبٍ يَتَعَطَّفُ بِهِ
وَكَمِنْطَقَةٍ يَتَنَطَّقُ بِهَا دَائِماً. هَذِهِ أُجْرَةُ مُبْغِضِيَّ مِنْ
عِنْدِ الرَّبِّ وَأُجْرَةُ الْمُتَكَلِّمِينَ شَرّاً عَلَى نَفْسِي”.

 

هو
يتكلم هنا عن شخص محدد وليس فئة من الناس . هذا الشخص سيأخذ وظيفته آخر، وقد
استخدم بطرس الرسول هذا المزمور فى أقواله عن يهوذا. ويقول “لا يكن مترائف
على يتاماه” مع أن الله هو الذى أوصى باليتيم والأرملة. لكن لأن أولاد هذا
الشخص سيكونون خونة وسارقون مثل أبيهم لذلك ليس لهم رحمة عند الله ولا عند البشر.

 

إن
قال أحد أن الكلام على شاول الملك فإننا نعرف جيداً أن الكلام لا ينطبق على شاول
لأن داود بحث عمن فى ذرية شاول لا يزال حياً حتى يصنع معه معروفاً من أجل يوناثان
ابن شاول فوجد ابناً ليوناثان فأحسن إليه وكان يأكل على مائدة الملك. إذن الكلام
لا ينطبق على شاول.

 

ثم
يقول المزمور “لِيُذْكَرْ إِثْمُ آبَائِهِ لَدَى الرَّبِّ وَلاَ تُمْحَ
خَطِيَّةُ أُمِّهِ” فما ذنب أمه؟” ذنبها أنها لم تعرف كيف تربيه ربته
على الشرقة فكان يسرق الصندوق وكان خائناً.

 

ويكمل
المزمور ” بَلْ طَرَدَ إِنْسَاناً مِسْكِيناً وَفَقِيراً وَالْمُنْسَحِقَ
الْقَلْبِ لِيُمِيتَهُ” والمقصود هنا هو السيد المسيح الذى قال عنه الكتاب
“طوبى لمن يتعطف على المسكين” (مز 1)

 

“وَلَبِسَ
اللَّعْنَةَ مِثْلَ ثَوْبِهِ فَدَخَلَتْ كَمِيَاهٍ فِي حَشَاهُ وَكَزَيْتٍ فِي
عِظَامِهِ.” هذه أصعب عبارة لأنها تقول أن اللعنة دخلت مثل الزيت فى عظامه،
إما بمعنى أنها تخللت عظامه أو تشعبت فيها أو أن النخاع وهو مادة دهنية أصبح هو
اللعنة والمعروف أن النخاع هو الذى يُنتج كرات الدم، بمعنى أنه صار فى داخله مصنع
لعنة.

 

ثم
نأتى إلى سفر زكريا الذى ورد فيه ما يلى بخصوص الثمن الذى ثمنوا به المثمن:

 

“فَقُلْتُ
لَهُمْ: إِنْ حَسُنَ فِي أَعْيُنِكُمْ فَأَعْطُونِي أُجْرَتِي وَإِلاَّ
فَامْتَنِعُوا. فَوَزَنُوا أُجْرَتِي ثَلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ. فَقَالَ لِي
الرَّبُّ: أَلْقِهَا إِلَى الْفَخَّارِيِّ الثَّمَنَ الْكَرِيمَ الَّذِي
ثَمَّنُونِي بِهِ. فَأَخَذْتُ الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ وَأَلْقَيْتُهَا
إِلَى الْفَخَّارِيِّ فِي بَيْتِ الرَّبِّ” (زك 11: 12-13).

 

دعونا
نسترجع ما ورد فى الإنجيل بحسب معلمنا متى عن هذا الأمر:

 

“حِينَئِذٍ
لَمَّا رَأَى يَهُوذَا الَّذِي أَسْلَمَهُ أَنَّهُ قَدْ دِينَ نَدِمَ وَرَدَّ
الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ إِلَى رُؤَسَاءِ الْكَهَنَةِ وَالشُّيُوخِ.
قَائِلاً: قَدْ أَخْطَأْتُ إِذْ سَلَّمْتُ دَماً بَرِيئاً. فَقَالُوا: مَاذَا
عَلَيْنَا؟ أَنْتَ أَبْصِرْ! فَطَرَحَ الْفِضَّةَ فِي الْهَيْكَلِ وَانْصَرَفَ
ثُمَّ مَضَى وَخَنَقَ نَفْسَهُ. فَأَخَذَ رُؤَسَاءُ الْكَهَنَةِ الْفِضَّةَ
وَقَالُوا: لاَ يَحِلُّ أَنْ نُلْقِيَهَا فِي الْخِزَانَةِ لأَنَّهَا ثَمَنُ دَمٍ.
فَتَشَاوَرُوا وَاشْتَرَوْا بِهَا حَقْلَ الْفَخَّارِيِّ مَقْبَرَةً
لِلْغُرَبَاءِ.لِهَذَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْحَقْلُ حَقْلَ الدَّمِ إِلَى هَذَا
الْيَوْمِ. حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِإِرْمِيَا النَّبِيِّ: وَأَخَذُوا
الثَّلاَثِينَ مِنَ الْفِضَّةِ ثَمَنَ الْمُثَمَّنِ الَّذِي ثَمَّنُوهُ مِنْ بَنِي
إسرائيل. وَأَعْطَوْهَا عَنْ حَقْلِ الْفَخَّارِيِّ كَمَا أَمَرَنِي
الرَّبُّ” (مت 27: 3-7).

 

لنا
هنا وقفة هامة. فقط نريد أن نوضح أولاً لماذا قال “كما قيل بأرميا
النبى” وليس زكريا النبى؟ هذا لأن سفر أرميا النبى كان يتبعه أسفار الأنبياء
الصغار، ولما كانوا يجمعونهم إلى كتاب واحد كان سفر أرميا يرد فى البداية، فمن
يفتح الكتاب كان يجد سفر أرميا أولاً ثم فى نهايته وبعد المراثى تأتى أسفار
الأنبياء الصغار فكان يطلق اسم ارميا على الكتاب ككل، وإن كانت به أسفار أخرى تحمل
أسماء أنبياء آخرين. وإلى هذا اليوم البعض يسمّون العهد القديم كله بالتوراة وهى
تسمية مشهورة مع أن التوراة هى أسفار موسى الخمسة فقط. هذه نقطة لا خلاف عليها لكن
أوردناها هنا للتوضيح.

 

ما
نريد أن نقف عنده هنا هو أنه قد يقول لنا قائل أن متى الإنجيلى من الممكن أن يكتب
ما يعجبه لأنه مغتاظ من يهوذا. لكن المكتوب هو “لذلك سمى هذا الحقل حقل دم
إلى هذا اليوم” أى أنه فى اليوم الذى كتب فيه متى إنجيله كان لازال الحقل
يدعى حقل دم. وإن كان هذا المكتوب غير صحيح لاعترض اليهود عليه قائلين أين هو حقل
الدم هذا؟! ومعنى عبارة “إلى هذا اليوم” أولاً هو أن هذا الإنجيل كُتب
فى وقت قريب جداً من الأحداث، وثانياً أنه على الأقل الناس الأحياء إلى وقت كتابة
هذا الإنجيل كانوا يعلمون قصة حقل الدم هذا ولم يعترضوا عليها.

 

ومن
الناحية التكتيكية للموضوع فإن ذكر عبارة “إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” تفيد
كثيراً جداً، ومعناها أن الكاتب واثق من أن القارئ اليهودى فى ذلك الحين لا يقدر
أن يطعن فيما كتبه. وكذلك عند ذكره لأحداث قيامة السيد المسيح قال “فَشَاعَ
هَذَا الْقَوْلُ عِنْدَ الْيَهُودِ إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” (مت 28: 15).
فذكره عبارة “إِلَى هَذَا الْيَوْمِ” تجعل اليهود لا يقدرون أن ينكروا
الحدث لأنن ثابت ومشهور. هذا البعد المنطقى فى الجدل حول القضية لا يمكن إغفاله
إطلاقاً.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار