علم المسيح

الفصل السابع



الفصل السابع

الفصل
السابع

جسد
المسيح
: من السماء أم من العذراء؟

 

س 1: إذا كان كلمة الله لم يتحول إلى جسد بل اتخذ جسدا، فهل كان جسده
حقيقيا أم شبه جسد (هيئة جسد)؟

& أولا: جسد حقيقي من مريم العذراء:

 يقول
الكتاب ” لكنه أخلى نفسه اخدا صورة عبد ” (في7: 2)، اتخذ الكلمة جسدا
حقيقيا، حبلت به العذراء، تكون من لحمها ودمها داخل أحشائها ثم ولدته فكان هو
وليدها وثمرة بطنها، أبنها المولود منها والذي حبلت به تسعه أشهر، ونما داخل
أحشائها بقول الكتاب:

 تنبأ
اشعياء النبي بالروح القدس قائلا:

? ” ها العذراء تحبل وتلد ابنا ” (اش14: 7)
تحبل وتلد.

?لأنه يولد لنا ولد ونعطي ابنا ” (اش6: 9)
يولد.
. ولد.

 وقال
الملاك جبرائيل للعذراء:

? ” وها أنت ستحبلين وتلدين ابنا ” (لو31: 1)،
تحبل وتلد.

? ” أيضا القدوس المولود منك ” (لو35: 1)،
مولود منها. أي من أحشائها.

 وقالت
القديسة اليصابات للعذراء مريم بالروح القدس:

? ” مباركه أنت في النساء ومباركة هي ثمرة بطنك
” (لو42: 1)، ثمرة بطنها.

 وقال
القديس بولس:

? ” ولما
جاء ملء الزمان أرسل الله ابنه مولودا من امرأة، مولودا تحت الناموس


72 –

? ” (غل4:
4)، مولودا من العذراء.

? ” ومنهم (بنو إسرائيل) المسيح حسب الجسد
الكائن على الكل إلها مباركا إلى الأبد آمين ” (رو5: 9)، من إسرائيل بحسب
الجسد.

? ” فإذ كان (داود) نبيا وعلم أن الله حلف له بقسم انه من ثمرة
صلبه يقيم المسيح حسب الجسد
ليجلس على كرسيه ” (أع30: 2)، من ثمرة
صلب داود حسب الجسد.

 وقد
استخدم الكتاب هنا كلمة ” مولودا (
εγένετο egeneto) وهي نفس الكلمة التي استخدامها في
الإنجيل للقديس يوحنا ” والكلمة صار “، أي ” صائرا
من امرأة
” و ” صائرا تحت الناموس “. وكما
تعني عبارة ” صار جسدا ” انه اتخذ جسدا حقيقيا، هكذا، أيضا، تعني
عبارة ” صائرا من امرأة ” انه اخذ جسده حقيقة من المرأة، فهو
نسل المرأة ” الذي وعد الله انه ” يسحق رأس الحية ”
(تك15: 3)، فهو مولود المرأة، العذراء، وثمرة بطنها، حبلت به مثل سائر المواليد
ولما ” تمت أيامها لتلد ” (لو7: 2) ولدته وخرج من رحمها الذي تكون فيه
ومنه ونما فيه، وكان هو ابنها البكر والوحيد (لو6: 2) الذي حبلت به من الروح القدس
وبدون زرع بشر ” الروح القدس يحل عليك وقوة العلي تظللك فلذلك القدوس المولود
منك يدعي ابن الله ” (لو35: 1).

 اتخذ
جسدا حقيقيا لم يأت به من السماء ولم يكن مجرد شبه أو خيال أو هيئه البشر دون أن
يكون بشرا حقيقيا، إنما هو جسد حقيقي تكون من أحشاء العذراء مريم ونما في رحمها.
انه جسد من لحم ودم وعظام، كما يقول الكتاب:

? ” إذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم اشترك هو أيضا
كذلك فيهما
... من ثم كان ينبغي أن يشبه اخوته في كل شئ
” (عب14: 2،15).

 قال
الرب يسوع المسيح نفسه لتلاميذه بعد القيامة:

? ” جسّوني وانظروا فان الروح ليس له لحم وعظام كما ترون
لي
” (لو339: 24).

? وتنبأ المرنم أن عظامه ستظل سليمة عند صلبه وموته ولن تكسر:

? ” يحفظ جميع عظامه وواحدة منها لا تنكسر ” (مز20: 34).

 وأكد
القديس يوحنا الإنجيلي بالروح إتمام ذلك:

? ” ليتم الكتاب القائل عظم لا يكسر منه ” (يو23: 19-36).

 انه
اتخذ جسدا حقيقيا مكون من لحم ودم وعظام وبالتالي فقد كان كاملا من الناحية
الفسيولوجية (الجسمية)، فكان يجوع ويعطش ويأكل ويشرب ويتعب وينام ويتألم، فبعد أن
صام أربعين يوم وأربعين ليله ” جاع أخيرا ” (مت2: 4) وأيضا
جاع ” (مت21: 11) بعد أن خرج مع التلاميذ من بيت عنيا، وعطش
علي الصليب وقال ” أنا عطشان ” (يو28: 19)، وذلك لفقدانه لكمية
كبيره من الدم والسوائل من جسده علي الصليب. وكان يأكل ويشرب، ومن ابرز ما
يذكره الكتاب هو أكله مع تلاميذه الفصح (لو15: 22)، وأكله معهم ”
سمكاً مشوياً وشيئا من شهد العسل ” (لو42: 24،43) بعد القيامة.

 وأكل
في بيت لعازر ومريم ومرثا (يو1: 12،2)، وفي بيت متي العشار (مت9: 9-11) الذي صار
له تلميذا ورسولا وإنجيليا. وأكل في بيت سمعان الفريسي حتى اتهمه الكتبة
والفريسيون انه ” أكول وشريب ” (مت19: 11)، وانه ” يأكل
ويشرب
مع العشارين والخطاة ” (مر16: 2؛لو2: 15)، وطلب من السامرية أن
تعطيه ليشرب ” اعطني لأشرب ” (يو7: 4)، وقال هو عن نفسه
جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب
” (لو34: 7)، ونام علي ظهر السفينة وأيقظه
تلاميذه (مر38: 4-40)(1).

 كما
تعب وجلس علي بئر يعقوب (يو6: 4) وأنّ (مر43: 7) وتألم ومات
علي الصليب (يو19). وكذلك أيضا كان يفرح ويتهلل ويحزن ويبكي، أي كان كاملا
من الناحية السيكولوجية (النفسية)، فقد بكي علي قبر لعازر (يو35: 11)، كما بكي
علي أورشليم (لو41: 19)، كما حزن حزنا شديدا في البستان ” ابتدأ يحزن
ويكتئب
” (مت37: 26)، ” ابتدأ يدهش ويكتئب ” (مر33: 14)،
” وقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت ” (مت38: 26) وفرح قبل
إقامة لعازر وقال لتلاميذه ” وأنا افرح لأجلكم ” (يو15: 11)، وتهلل بعد
عودة السبعين رسولا من إرساليتهم ” تهلل يسوع بالروح ” (لو21: 10).
وهكذا يقول الكتاب: ” كان ينبغي أن يشبه أخوته في كل شئ
(عب17: 2).

 كما
جرب من إبليس (مت1: 4-3)، وانتصر عليه وجاءت ملائكته لتخدمه (مت11: 4)، كما
جربه الكهنة والكتبة والفريسيون مرات عديدة لكي يوقعوا به أمام اليهود فيظهرونه
وكأنه مجدف وناقض لناموس موسى أو لكي يوقعوا به في قبضة الرومان كثائر ضد
الاستعمار الروماني لفلسطين (مت1: 16). وكثيرا ما كان يقول لهم ” لماذا تجربوني
” (مت18: 22)، ” لماذا تجربوني يا مرأون ” (مر15: 12)، وكان دائما
يجتاز التجربة بقوه وعظمة وان كانت تترك أثرا نفسيا عليه فقد جاء إلى خاصته وخاصته
لم تقبله (يو11: 1).

 قال
بولس الرسول بالروح ” لأن ليس لنا رئيس كهنة غير قادر أن يرثي لضعفاتنا بل
مجرب في كل شئ مثلنا بلا خطيه
” (عب15: 4).

 

& ثانيا: أباء
الكنيسة وميلاد المسيح من العذراء:

 وقد
أدرك أباء الكنيسة منذ بدء المسيحية حقيقة كمال ناسوت المسيح وحقيقة ميلاده،
متجسدا من العذراء مريم وحتمية ذلك ودافعوا ضد الذين قالوا أن جسده خيالا، مثل
الغنوسيين الذين هاجمهم القديس يوحنا قائلا:

? ” كل
روح يعترف بيسوع المسيح أنه قد جاء في الجسد فهو من الله. وكل روح
لا يعترف بالمسيح انه قد جاء في الجسد فليس من الله. وهذا هو روح ضد
المسيح ” (1يو2: 4-3).

? وأيضا ” لأنه قد دخل إلى العالم مضلون كثيرون لا يعترفون
بيسوع المسيح آتيا في الجسد. هذا هو المضل والضد للمسيح ”
(2يو7).

 وسار
علي نهجه تلميذه القديس بوليكاريوس الذي قال مستخدما نفس عباراته:

 ”
كل من لا يعترف بان يسوع المسيح قد جاء في الجسد هو ضد المسيح
(2).

 

? وقال القديس اعناطيوس الإنطاكي:

 ”
المسيح يسوع الذي من نسل داود والمولود من مريم الذي ولد حقا وأكل حقا

وشرب حقا وصلب حقا علي عهد بيلاطس البنطي
ومات حقا “(3).

 

? وقال القديس ايريناؤس أسقف ليون:

 ”
إن لم يكن المسيح إنسانا حقا وإلها حقا لأصبح خلاصنا مستحيلاً
وعندما جاء المسيح إلى عالمنا مخلصا أخذ جسدا حقيقيا كأجسادنا لأن
الرسول يقول: ” والكلمة صار جسدا “(4).

 وقال
أيضا ” أن المسيح آدم الأخير كان لحما ودما من دمنا كان إنسانا بكل ما
تحمله الكلمة من معني
(5).

 

? وقال ميليتوس أسقف ساردس في القرن الثاني:

 ”
فهوذا المسيح ” الذي صار جسدا في بطن العذراء والذي لم تكسر
عظامه علي الخشبة “(6).

 

? وقال اكلمندس الإسكندري:

 ”
بعملية التجسد أصبح الابن منظورا ومدركا في خير الأشياء التي نراها والتي
ندركها بحواسنا
(7).

 

? وقال يوستينوس الشهيد في حواره مع تريفو اليهودي:

 ”
من البديهي لدي جميع الناس إن لا أحد من جنس إبراهيم حسب الجسد قد ولد من عذراء،
ولم يقل أبدا عن أحد انه ولد من عذراء، إلا عن المسيح. وقيل عنه ” ها العذراء
تحبل وتلد ابنا ” لأنه إن لم يكن المولود من العذراء هو ذلك الذي
يتكلم عنه اشعياء النبي فمن الذي قال عنه الروح القدس: ” ولكن يعطيكم السيد
نفسه آيه… ” ولكن الآية الحقيقية التي صارت سببا لرجاء الجنس البشري، هي أن
بكر كل الخليقة صار جسدا من الحشا البتولي وولد “(8).

 

? وقال القديس اثناسيوس الرسولي:

 ”
كانت مريم في الحقيقة مفترضة من قبل. ليأخذ الكلمة منها (جسدا)
ويقدمه من أجلنا كذاته… أنها ولدته، وأنها ” قمطته
ولذلك فان الثديين اللذين رضعهما يعتبران مباركين. وقد قدم ذبيحة. لأنه بولادته
فتح الرحم وهذه كلها براهين علي أن العذراء هي التي ولدته.

 وجبرائيل
حمل إليها البشارة بيقين كامل ولم يقل مجرد ” المولود فيك “، حتى لا
يظن أن الجسد غريب عنها ومجلوب إليها من الخارج، بل قال ” المولود منك ”
لكي يعتقد الجميع أن المولود خارج منها.
إذ ان الطبيعة تبين هذا بوضوح،
فمن المستحيل علي عذراء تدر لبنا إن لم تكن قد ولدت. ومن المستحيل أن الجسد يتغذى
باللبن ويقمط أن لم يكن قد ولد بصوره طبيعية قبل ذلك “(9).

 

& ثالثا: الإنسانية
الكاملة:

 كان
كاملا في ناسوته، إنسانيته، إذ قد تكون جسده من لحم ودم وعظام وأيضا من روح ونفس.
أي كان جسدا كاملا بنفس وروح إنسانية عاقلة. وقد استخدم الكتاب في النصوص والآيات
الدالة علي تجسده اتخاذه جسدا، كلمه ”
σαρζ

sarx “، أي جسد flesh، الطبيعة البشرية. فقد استخدم الكتاب عبارات: ” صار جسدا
“، ” في الجسد “، ” من جهة الجسد “،
حسب الجسد ” للتعبير عن تجسده واتخاذه، الجسد الكامل أو
الإنسانية الكاملة ” والكلمة صار جسدا ” (يو14: 1).

? الله حلف (لداود) ” بقسم انه من ثمرة صلبه
يقيم المسيح حسب الجسد ”
σαρζ sarx ” (أع30: 2).

? ” الذي
صار من نسل داود حسب الجسد ” ”
σαρζ

sarx ” (رو3: 1).

? ” الذي إذا أرسل ابنه في شبه جسدσαρζ sarx ” الخطية ” (رو3: 8).

? ” ومنهم (نسل إبراهيم) المسيح حسب الجسدσαρζ sarx ” (ررو5: 9).

? ” وان
كنا قد عرفنا المسيح حسب الجسد
σαρζ

sarx ” (2كو16: 5).

? ” قد صالحكم الآن في جسم (σώματι swma) بشريته (σαρκός της Tis sarxos) (كو21: 1-22).

? ” مماتا في الجسدσαρζ

sarx ” (1بط18: 3).

? ” تألم
المسيح لأجلنا في الجسد
σαρζ

sarx ” (1بط1: 4).

 وكلمة
σαρζ sarx ” يقابلها في العبرية كلمة ” بسر – basar(10)، أي إنسان، ويقابلها في العربية ” بشر “(11)،
وتعني الإنسان، الإنسانية، وقد استخدمها العهد الجديد عن المسيح للتعبير عن
إنسانيته الكاملة مع الإشارة إلى تجسده بشكل ظاهر ومحسوس ومدرك. كما استخدمها في
أحوال كثيرة متضمنة النفس والروح
(12).

 وهي
عكس كلمه (
σώματι swma)، أي جسم، body، وتترادف مع كلمة ” انثروبوس ” ανθρωπος anthrwpos “، أي إنسان، بشر، رجل، والتي استخدمها السيد عن نفسه
باعتباره كامل في ناسوته فقال:

 ”
أنا إنسان
ανθρωπον anthrwpon قد كلمكم بالحق ” (يو40: 8).

 وكما
رآه اليهود كإنسان فقط فقالوا له معترضين علي قوله انه ابن الله:

 ”
فانك وأنت إنسان ”
ανθρωπος anthrwpos” تجعل نفسك إلها ” (يو33: 10). وقالوا عنه أيضا: ”
لم يتكلم قط إنسان ”
ανθρωπος anthrwpos ” مثل هذا الإنسان ” ανθρωπος anthrwpos ” (يو46: 7).

 

 وقال
القديس بولس الرسول:

? ” لأنه يوجد اله واحد ووسيط واحد بين الله والناس الإنسان
ανθρωπος anthrwpos ” يسوع المسيح ” (1تي5: 2)، فهو الوسيط كإنسان وكإله.
وكإنسان كامل في ناسوته، إنسان كامل.

 ومنه
أيضا لقب ابن الإنسان
ανθρωπου ό
υίος
anthrwpou ho uios ” الذي استخدمه الرب يسوع المسيح كثيرا.

 

& رابعا: إعلان
الكتاب المقدس عن نفسه وروحه الإنسانية:

 والكتاب لم
يكتف بهذا الكلام فقط عن إنسانية المسيح الكاملة بل أكد أن له نفسا روحا إنسانية
عاقلة. فعندما مات علي الصليب قال ” يا أبتاه في يديك استودع روحي ”
(لو46: 23)، ثم ” اسلم الروح ” (مت5: 27)، أي خرجت روحه الإنسانية من
جسده الإنساني وهو يستخدم نفس التعبير الذي استخدمه القديس استيفانوس لحظة وفاته
” أيها الرب يسوع أقبل روحي ” (أع9: 7).

 وعن
نفسه الإنسانية قال: ” نفسي حزينة جدا حتى الموت ” (مر34: 14). وهكذا
يثبت الكتاب ويؤكد أن المسيح فعلا كان مجربا مثلنا، شابهنا في كل شئ ”
ما عدا الخطية ” (عب15: 4).

 وقد عبر
الآباء عن اتخاذ الله للإنسانية الكاملة بتعبير ” تجسد وتأنس
(13)،
أي كما يري الآباء إن كلمة ” تأنس ” تفيد انه صار إنسانا كاملا نفسا
وجسدا وروحا “(14)،
وجاء في قانون الإيمان مجمع نقيه (325م) ” نزل من السماء وتجسد من الروح ومن
مريم العذراء تأنس ” أي اخذ إنسانيتنا الكاملة.

 

? قال يوستينوس الشهيد:

 ”
أن ناسوت المسيح كان يشمل جسدا ونفسا “
(15).

 

? وقال العلامة اوريجانوس:

 ”
لأنه من المستحيل أن تتحد الطبيعة الإلهية بالجسد بدون عامل وسيط وهي

النفس
البشرية “
(16).

 

? وجاء في الابصلمودية المقدسة:

 ”
وهكذا أيضا تجسد منك يا مريم بغير تغيير، بجسد ناطق، مساو لنا كامل. وله نفس
عاقلة
(17).

 

? ونصلي في القداس الإلهي قائلين:

 ”
أنت بغير استحالة تجسدت وتأنست وشابهتنا في كل شئ ما خلا الخطية
وحدها… وأكملت التدبير بالجسد(18).

 

? وقال القديس اثناسيوس الرسولي متسائلا:

 ”
كيف تجسد المخلص وحل بيننا؟ هل اخذ جزءًا من الإنسان أي الجسد فقط؟ وهل هذا يعني
انه كان عاجزا عن أن يخلص النفس أي يخلص الإنسان كله؟ اشمأز من العقل الإنساني
لأنه اخطأ أم أنه كان يخاف أن يخطئ هو أيضا؟ وكيف يخاف وهو الإله الذي إذا تجسد
وصار إنسانا استمر في صلاحه وكماله. أن الذين يفكرون بهذا الأسلوب هم بلا شك
مملؤون بالكفر “(19).

 ثم
يجيب: ” وإذا كانت الأناجيل تقول أن يسوع ” اضطرب بالروح ” (يو21: 13)
فقد أعلن الرب بكلمات أخرى انه يعني عقله الإنساني بقوله ” نفسي قد اضطربت
” (يو27: 12)، وإذ كشف الرب بهذا عن عقله الإنساني فقد أعلن بذلك إن فيه ذات
العنصر الذي فينا وهذا ما جعله يترفق بنفوسنا “(20)، وأيضا ” هو اله تام، وهو
إنسان تام ذو نفس ناطقة وجسد بشري ذو كيان ووجود “(21).

 

? قال البابا ثيئوفيلوس الإسكندري (358 – 412م):

 ”
لم يكن المسيح جسداً بدون نفس، وان الله الكلمة لم يحل فيه (في هذا الجسد) محل
النفس ” (في سر التجسد 13)، ” يجب أن يعرف… انه قد اتخذ مثيل حالتنا
تماما، وأنه إذا قد شاركنا ليس فقط في جسد أو نفس غير ناطقة وبلا عقل
vous (nous)،ولكن في الجسد كله والنفس كلها، فقد اظهر فيه إنسانا كاملا
(22).

 

? وقال القديس ديديموس الضرير (313 – 398م):

 ”
ظهر ناسوته لنا في كل شئ، فيما عدا الخطية ولم يكن جسده بغير نفس.
. أن نفس
يسوع.
. عاقلة
ومطابعة لنفوس الناس (أو من ذات جوهرها)، كما أن جسده

 

? وقال البابا داماسوس أسقف روما في رسالة كتبها سنة 375م:

الخارج
من مريم كان مطابعا لأجساد الناس (أو من ذات جوهرها) “(23).

 ”
يلزم أن نعترف بأن الحكمة ذاته، الكلمة، ابن الله، اتخذ جسدا ونفسا وعقلا (
nous) بشريين، اعني آدم كله، وبعبارة أوضح كل إنساننا العتيق، فيما عدا
الخطية “(24).

 

? وقال القديس كيرلس الإسكندري:

 ”
فهوذا (المسيح) كلمة الله الآب الذي تجسد وصار إنسانا كاملا ونحن نؤمن أن الجسد
الذي اتحد به، فيه نفس عاقلة، ولهذا فالاتحاد كامل وحقيقي “(25).

 ”
لذلك عندما نسمع أن الكلمة صار جسدا فلنعتقد انه تجسد وصار إنسانا له نفس وجسد لان
الكلمة الذي تجسد وصار إنسانا كاملا ودعي ابن الإنسان لأن له نفسا وعقلا، اتحد بكل
مكونات الإنسان اتحادا حقيقيا بطريقه يعرفها هو وحده “(26).

 وأيضا
” (يجب أن) يعرف أن جسد الرب المأخوذ من مريم كانت له أيضا نفس، ليس كتلك
التي تمتلكها الكائنات غير العاقلة وإنما (التي تملكها) الأناس العاقلة “(27).

 

? وقال القديس البابا ديوسقوروس (444 – 454م):

 ”
إلا انه مع أخذه الجسد ذا النفس العاقلة استمر إلها مثلما كان “(28).

 

? وقال يوحنا الدمشقي:

 ”
وان المسيح بالتجسد قد أقام له جسدا حيا ذا نفس ناطقة وعاقلة وذلك من انقي دماء
الدائمة البتولية، فاتخذ باكورة الجبلة البشرية صار الكلمة نفسه أقنوما للجسد، حتى
أن هذا الجسد كان معا جسد ابن الله وجسد ذا نفس ناطقة وعاقلة “(29).

 

? وقال الأنباء ساويروس المقفع (القرن العاشر):

 ”
اتخذ الابن الإله جسدا هكذا من مريم العذراء له روح عاقلة ناطقة “.

 ”
والكلمة صار جسدا “.
. أخذ الجسد بكامله. ذو نفس عاقلة كما قال
سفر الخليقة أن الإله اتخذ ترابا من الأرض فخلق الإنسان… كذلك قال “والكلمة
صار جسدا ” فدل إن الجسد كامل بكماله ذو نفس عاقلة ناطقة ولهذا سمي آدم
الثاني “(30).

 

(1)
أنظر أيضا (مت24: 8؛ لو28: 8).

(2)
رسالته إلى فيلبي 1: 7.

(3)
” رسالته إلى ترالس: 9.

(3)
تاريخ الفكر المسيحي ج 1: 436.

(5)
Adv. Her. 5: 14: 2.

(6)
Quasten 267.

(7)
Strom 5 ;39 ; 16;5.

(8)
قتلة الأنبياء، ترجمة مليكة ويوسف حبيب 13، 14.

(9)
الرسالة إلى ابيكتيتوس: 5.

(10)
Theological Dic. Of NT vol.2: 127.

(11)
كما تعني في العبرية أيضا اللحم (حز6: 37) والقرابة الجسدية، النسب (تك23: 8،24)،
كما تعني كلمة بشر في العربية أيضا ” البشره ” أي ظاهر جلد الإنسان ؛
مختار الصحاح ص 54.

(12)
The Pulpit vol. 17: 17.

(13)
القداس الإلهي.

(14)
القديس أثناسيوس الرسولي، للأب متى المسكين ص 386.

(15)
Just. Dial. C. Trypho 102.

(16)
De Princip. ii , 6;3.

(17)
ثيؤتوكية الثلاثاء.

(18)
القداس الغريغوري، صلاة الصلح.

(19)
تجسد ربنا يسوع 37.

(20)
تجسد ربنا يسوع 40،49.

(21)
قانون الإيمان الأثناسيوسي ف 30.

(22)
في سر التجسد 13.

(23)
السابق 16.

(24)
السابق 16.

(25)
شرح تجسد الابن الوحيد 38.

(26)
المرجع السابق 40.

(27)
تفسيره لإنجيل يوحنا 27: 12.

(28)
البابا ديسقوروس، للأنبا أغريغوريوس 168.

(29)
المائة مقالة في الإيمان الأرثوذكسي 46.

(30)
الدر الثمين في إيضاح الدين 55 ؛ وكتاب المجامع، مخطوط بدير السريان 136 لاهوت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار