الفصل السابع والأربعون

الفصل
السابع والأربعون
القضاء
بعلامة الصليب على العرافات المتعددة والأشباح التى يتوهمون ظهورها في أماكن
عبادتهم الخ. البرهان على أن الآلهة القديمة ما هى إلاّ مجرد بشر. افتضاح السحر. وبينما لم تستطع الفلسفة أن تقنع بالخلود والصلاح سوى جماعة محدودة محلية، فإن بعضًا من
البشر ذوي الكفاءة المحدودة استطاعوا أن يقنعوا الجماهير العديدة في كل
الكنائس بمبدأ الحياة التي تفوق الطبيعة.
1 وبينما فى القديم امتلأ كل مكان بخداع
التنجيم وما اشتهرت به دلفى ودودنا وبوتيا وليكيا وليبيا ومصر، وما كان يُعجب به
الناس من أعمال العرافة فى كابرى وبيثيا، فإنه قد بَطُل الآن هذا الجنون، منذ أن بدأ
التبشير بالمسيح فى كل مكان، ولم يعد أحد من بين البشر يُنجِّم بعد[1].
2 وبينما أضلّت الشياطين عقول البشر قديمًا باستخدامها الينابيع والأنهار[2]
والأشجار والحجارة[3]،
وهكذا أثرّت على بسطاء الناس بغواياتها فإن خداعاتها بَطُلت الآن بعد الظهور
الإلهى للكلمة، لأنه حتى الإنسان العادى يستطيع بعلامة الصليب فقط أن يفضح ضلالاتها[4].
3 وبينما كان البشر فى السابق يعتقدون فى زفس[5] وكرونوس[6]
وأبوللو[7]
والأبطال المذكورين فى أشعارهم أنهم آلهة، وضلوا بعبادتهم لها[8]
فالآن بعد أن ظهر المخلّص بين الناس فقد انكشف أمر أولئك، وظهر أنهم بشر مائتون، وعرف البشر
أن المسيح وحده هو الإله الحقيقى كلمة الله.
4 أو ماذا نقول عن السحر الذى كان يُدهش البشر؟ فإنه قبل مجىء الكلمة بيننا كان السحر له قوته وتأثيره
بين المصريين والكلدانيين والهنود وكان يثير الرهبة فى كل من شاهده، أما بعد مجىء
الحق وظهور الكلمة فقد دُحض السحر تمامًا وأُبطل كلية.
5 وأما عن الحكمة اليونانية وثرثرة
الفلاسفة وضجيجهم فلا أظن أن أحدًا يحتاج أن نقدم له براهين من جانبنا. ذلك لأن
الأعجوبة واضحة أمام أعين الكل. فبينما عجز حكماء اليونانيين عن أن يقنعوا ولو نفرًا
قليلاً بواسطة كتاباتهم الكثيرة عن حقيقة الخلود[9] والحياة
بحسب الفضيلة[10]،
فإن المسيح وحده بلغته العادية، وبأشخاص غير فصحاء فى الكلام، قد أقنع جماعات
كثيرة من البشر أن يحتقروا الموت ويهتموا بالأمور التى لا تموت ولا تفنى، وأن
يغضوا النظر عما هو زمنى، وأن يحولوا أنظارهم للأمور الأبدية، وأن لا يفكروا فى المجد
الأرضى، بل يجاهدوا فقط لأجل الأمور التى لا تفنى.
1 في هذا
الفصل وما يليه يشرح القديس أثناسيوس ما تحدث عنه باختصار في الفصول السابقة ويوضح
أن العرافة قد ابطلت بمجىء السيد المسيح، ويشير القديس أثناسيوس إلى نفس هذا الأمر في كتابه “حياة
أنطونيوس” فصل32 حيث يشرح الفرق بين أن يتنبأ أحد بالحوادث وبين أن يتكهن
بوقوعها.
3 انظر
فصل4:11. وفي كتابه حياة انطونيوس فصل23 يذكر القديس أثناسيوس أن الشياطين تحاول
أن تضل المسيحيين ولا سيما الرهبان باتخاذها أشكالاً وصورًا أخرى غير المذكورة
هنا.
4 يشرح القديس
أثناسيوس بالتفصيل أوجه الغلبة بعلامة الصليب على ضلالات الشياطين. انظر الفصول 48، 50. انظر أيضًا حياة
أنطونيوس:78.
4 في مقالته
ضد الوثنيين فصل 15/2 يذكر القديس أثناسيوس أن الشعراء والكتّاب لم يكتفوا بذكر أسماء
هذه الآلهة بل سجلوا أعمالها الفاضحة وانحطاط حياتها الأمر الذي أضل وأفسد حياة كل
مَن كان يعبدها من البشر. وكان قد سبق في الفصول 12،11 من نفس المقال أن استعرض كل هذه
الأعمال.