9- لماذا لم يخلص الله آدم وحواء بالقوة، فمجرد كلمة منه قادرة على رد آدم وحواء اللذان سباهما الشيطان؟
وحواء اللذان سباهما الشيطان؟
9- لماذا
لم يخلص الله آدم وحواء بالقوة، فمجرد كلمة منه قادرة على رد آدم وحواء اللذان
سباهما الشيطان؟
ج:
هذا الحل البديل لا يصلح للأسباب الآتية:
أ-
ما أُخذ بالقوة يسترد بالقوة. أما الشيطان فانه لم يأخذ الإنسان بالقوة.. لم يأخذ
من ثمار الشجرة المحرمة، ولم يفتح فم آدم رغماً عنه، ولم يدفع إلى فمه الثمرة
المحرمة. بل أن الشيطان في الأصل لا يقدر أن يسبي الإنسان بالقوة، لأن الإنسان في
حماية القدير طالما كان ملتزماً بطاعته. إنما أسقط الشيطان الإنسان بالحيلة والمكر
والدهاء والخداع والغواية ” الحية غوَّتني فأكلت” (تك 3: 13) وكما أن
الله كامل في قوته فهو كامل في عدله أيضاً، فلو ردَّ الله الإنسان بالقوة فإن هذا
يعتبر ضد عدل الله الكامل.
ب-
خلق الله الإنسان حراً مُريداً، فعودة الإنسان لله لابد أن تتم بكامل حريته
وإرادته، فربما يرده الله بالقوة فيقول آدم له: ومن قال لك أنني أريد أن أسير معك..
أنا لا أحب الطريق الكربة ولا الباب الضيق، وربما تقول حواء: أنني معجبة بشغل
الشياطين ولا أريد أن أتركهم.. من أجل هذا يا صديقي يطيل الله أناته علينا لكيما
نعود إلى أحضانه الأبوية بكامل حريتنا وإرادتنا، ويقول د. راغب عبد النور ”
أن يتدخل الرب الإله تدخلاً مباشراً، وينتشل الإنسان مما فيه، ورغم ما به وما عليه،
وهو إجراء لا يتمشى مع عدالة وطهارة الله، وحتى إن تصوَّرنا إلهنا قابلاً أن يقوم
بهذا الدور. إلاَّ أن الإنسان الذي سقط وتدنس، لا يستطيع أن يعايش الله في نوره
وفي قداسته، لأن كل ما فيه ينجذب نحو الظلام إنجذاباً تلقائياً، وقد يقبل الرب أن
يقبل إلينا رغم ما فينا، فإننا في هذه الحالة سنهرب من وجهه هروباً، ولو إلى الموت
” (1).
ج-
يناقش القديس أثناسيوس اقتراح البعض بأن الله كان يمكنه أن يخلص الإنسان بكلمة منه
فيقول ” يقولون إن كان الله قد أراد أن يصلح البشرية ويخلّصها، وجب أن يتمم
ذلك بمجرد نطق ملكى كريم، دون حاجة إلى تجسد “الكلمة” أي بنفس الطريقة
التي اتبعها سابقاً عندما أوجدها من العدم. أما عن اعتراضهم هذا فنجيبهم جواباً
معقولاً قائلين: سابقاً لم يكن شئ موجوداً على الإطلاق، فالذي كان مطلوباً لخلقة
كل شئ هو النطق الملكي، ثم مجرد الإرادة لإتمام ذلك. أما وقد خلق الإنسان، وأصبح
الأمر يحتاج إلى علاج ما هو موجود، ووصل الأمر إلى تلك الحال، لا ما هو ليس
موجوداً، لهذا السبب، ولكي يُبرئ الموجود، دعت الضرورة بطبيعة الحال أن يظهر
الطبيب، والمخلص تأنس واستخدم جسده أداة بشرية ” (تجسد الكلمة 44: 1، 2).
وقال
القديس كيرلس الكبير ” كان يلزم من أجل خلاصنا أن كلمة الله يصير إنساناً لكي
يجعل جسد الإنسان الذي تعرض للفساد خاصاً له، ولكونه هو الحياة والمحيي يبطل
الفساد الذي فيه ” (1).
د-
عندما فسدت الطبيعة البشرية بالسقوط احتاجت للحياة لكيما تتحد بها وتطرد الفساد
والموت من داخلها، وهذا الأمر لا يحتاج لكلمة من الله، إنما يحتاج للتجسد الإلهي،
فيقول القديس أثناسيوس ” ثم يجب أن نعلم أيضاً، أن الفساد الذي حصل لم يكن
خارج الجسد بل لصق به، وكان مطلوباً أن تلتصق به الحياة عوض الفساد، حتى كما تمكن
الموت من الجسد، تتمكن منه الحياة أيضاً.
والآن
لو كان الموت خارج الجسد لكان من اللائق أن تتصل به الحياة من الخارج. أما وقد صار
الموت ممتزجاً بالجسد وسائداً عليه، كما لو كان متحداً به، فكان مطلوباً أن تمتزج
الحياة أيضاً، حتى إذا ما لبس الجسد الحياة بدل الموت، نزع عنه الفساد، وفضلاً عن
هذا فلو افترضنا أن “الكلمة” جاء خارج الجسد وليس فيه، لكان الموت قد
غُلب منه (من المسيح) وفقاً للطبيعة، إذ ليس للموت سلطان على الحياة، أما الفساد
اللاصق بالجسد فكان قد بقى فيه رغم ذلك.
لهذا
السبب كان معقولاً جداً أن يلبس المخلص جسداً، حتى إذا ما اتحد الجسد بالحياة لا
يبقى في الموت كمائت، بل يقوم إلى عدم الموت إذ يلبس عدم الموت.. لهذا لبس ”
المسيح ” جسداً لكي يلتقي بالموت في الجسد ويبيده” (تجسد الكلمة 44: 4 –
6).
ه-
بالتجسد ردَّ الله الضربة للشيطان بالفعل، فيقول القديس يعقوب السروجي ” كما
أن الشيطان دخل الحية وصرع الجنس البشري وأماته، هكذا أراد الله أن يأخذ جسد
الإنسان ويختفي فيه ليقبض على الشيطان الحية القديمة ويهلكه” (1).