المسيحية

القرآن هو “كلام الله” – والمسيح هو “كلمة الله”



القرآن هو “كلام الله” – والمسيح هو “كلمة الله”

القرآن هو “كلام الله” – والمسيح هو
“كلمة الله”.. فماذا بعد؟

مما سبق يتضح أن صفات
الله أزلية ومنها كلام الله، لذلك أجمع أهل السنة وكثير من الفرق أن كلام الله
قديم قدم الله (غير مخلوق).. لأن من لم يكن له كلام لم يكن متكلماً فى الحقيقة
(مصدر 96
).

إلا أن الخوارج
والمعتزلة نفوا ذلك كما أوضحنا من قبل.. حتى لا يؤدى القول بقدم كلام الله إلى
القول بقدم المسيح عيسى بن مريم ” ككلمة الله ” وبذلك يكون المسيح إلهاً
كما قالت النصارى (أو اللاهوتيون النصارى) ولصحت عقيدة التثليث النصرانية.

وقبل نهاية القرن
العشرين أثار د. نصر حامد أبو زيد
à هذه القضية القديمة
وقال:

والمقارنة
بين القرآن وبين السيد المسيح من حيث طبيعة “نزول” الأول وطبيعة
“ميلاد” الثانى تكشف عن أوجه التشابه بين البنية الدينية لكل منهما داخل
البناء العقائدى للإسلام نفسه.

ولعلنا لا نكون مغالين
إذا قلنا أنهما ليستا بِنْيَتَيْن، بل بِنْيَة واحدة رغم اختلاف العناصر لكل منهما،
فالقرآن كلام الله وكذلك عيسى عليه السلام: ” رَسُولُ اللَّهِ
وَكَلِمَتُهُ ” (النساء/171).

وقد كانت البشارة لمريم:
” إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ ” (آل عمران/45).

وإذا كان القرآن قولاً
ألقى إلى محمد عليه السلام، فإن عيسى بالمثل
كلمة الله ألقاها إلى
مريم وروح منه” (النساء/171). أى أن محمداً = مريم.

والوسيط فى الحالتين
واحد وهو الملاك جبريل الذى تمثل لمريم “بشراً سوياً ” (مريم/17) وكان
يتمثل لمحمد فى صورة أعرابي.

وفى الحالتين يمكن أن
يقال أن كلام الله قد تجسد فى شكل ملموس فى كلتا الديانتين:

تجسد فى المسيحية فى
مخلوق بشرى هو المسيح، وتجسد فى الإسلام أيضاً لغوياً فى لغة بشرية هى اللغة
العربية..

وفى كلتا الحالتين صار
الإلهى بشرياً، أو تأنس الإلهى
.

واللغة العربية فى
الوحى الإسلامى تمثل الوسيط الذى تحقق فيه وبه التحول. ويتمثل اللحم والدم- مريم-
الوسيط الذى تحقق التحول
áá فيه وبه فى المسيحية.

وإذا كان الفكر الدينى
الإسلامى ينكر على الفكر الدينى المسيحى “توهم” طبيعة مزدوجة للسيد
المسيح، ويصر على طبيعته البشرية، فإن الإصرار على الطبيعة المزدوجة للنص القرآنى
وللنصوص الدينية بشكل عام يعد وقوعاً فى التوهم نفسه”.(
[i])

وقد كان من التهم التى
وجهت إليه قوله: ” إن الإلهى تجلى فى القرآن (التنزيل) كما تجلى فى المسيحية
فى صورة المسيح البشر ابن الإنسان “.(
[ii])

أو قوله: ” إن
الله تجلى فى القرآن كما تجلى الله فى المسيح
“. ([iii])

 

” لو كان كلام
الله مقدساً لوجب تقديس المسيح عيسى بن مريم كإله..

وقد دافع د. سيد محمود
القمنى
* عن د. نصر
أبو زيد قائلاً:

 لماذا
تريدون تأليه القرآن وإنكار تأليه يسوع..

فإذا قبلت أن يكون المسيح
بشراً إنساناً رغم أنه كان
كلمة الله فعليك أن
تقبل أن هذا القرآن أصبح بدوره مخلوقاً وليس كياناً أزلياً يكتسب صفة القدسية مثل
الله

. ([iv])

ويدافع المفكر السورى
طيب تيزينى عن الدكتور نصر أبو زيد قائلاً:

“.. فإن يُرفض
القول بإزدواج “
شخصية المسيح
لاهوتياً وإنسانيا ً، يعنى- فى الوقت ذاته وبالتشديد عينه أن يُرفض معه القول بكون
القرآن “

كلام
الله ” بمعنى تجليه وتجسده
. لأن القول بذاك دون هذا يُحدث
اضطراباً منطقياً نسقياً فى بنية التفكير الدينى المعنى
، كما يخلق حساسية أيد
يولوجية
دينية لدى من يعنيهم الأمر فى الوسط المسيحى”.(
[v])

ويقول د. محمد شحرور
(مفكر سورى) فى هذا الصدد:

” لو أن كلامه
أزلياً لأصبح الكون والله واحداً ولأصبح المسيح ابن الله لأنه كلمة منه،
.. ([vi])

نختم هذه النقطة بما
قاله المستشار محمد سعيد العشماوى.. قال
:

” فى الإسلام
القرآن هو كلام الله الموحى به إلى النبى. وفيه أن السيد المسيح هو كلمة الله
” إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ “. (النساء
/171)،
” إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى
ابْنُ مَرْيَمَ ” (آل عمران
/ 45).

وفى المسيحية أن السيد
المسيح كلمة الله.

ومن هذا التوافق بين
الإسلام والمسيحية على أن السيد المسيح هو كلمة الله حدث التداخل بين الفكر
الإسلامى واللاهوت المسيحى. ففى هذا اللاهوت أن كلمة الله أزلية غير مخلوقة، وأن
السيد المسيح
هو
مظهر (أقنوم)
الجلالة والقدسية الذى لم يخلق، وإنما وجد مع الله منذ الأزل
.

والقول بأن الكلمة
مخلوقة – فى هذا اللاهوت – يعنى أن الله سبحانه كان بغيركلمة حتى خلقها فكانت.

أما الجسد الإنسانى
للسيد المسيح فهو الناسوت (المقابل الإنسانى للاهوت) الذى تبدت به الكلمة للناس
حتى يحقق لهم الخلاص”. (
[vii])



à جاء فى حيثيات الحكم بإرتداد د/نصر
حامد أبو
زيد الآتى :
نصر حامد أبو زيد نشأ مسلماً فى مجتمع إسلامى ويعمل
استاذاً للغة العربية والدراسات الإسلامية
بكلية الآداب جامعة القاهرة .
ويقوم بتدريس علوم القرآن
…. (الأهرام 9/8 /1996ص8)

áá الإعتقاد
المسيحى هو أنه ليس الكلمة تحول إلى بشر ولكن الكلمة اتخذ جسداً بشرياً دون تحول.



[i] د. نصر حامد أبو زيد – نقد
الخطاب الدينى – دار سينا للنشر – ص205 – الطبعة الثانية 1994 – رقم الإيداع 8727/
92 –
I.S.B.N 977- 5140-031-5

[ii] جريدة الأهرام 14/ 4 /
1993م . تقرير عن انتاج علمى [1] – بقلم فضيلة أ. د. عبد الصبور شاهين .

[iii] جريدة الأهرام 10/4 /
1993م – بقلم د. مصطفى محمود .

[iv] جريدة صوت الأمة 22/3 /
1998م .

[v] طيب تيزينى– النص القرآنى-
أمام إشكالية البنية والقراءة – ج5 طبعة 1997م– ص372 ,373– دار الينابيع للطباعة
والنشروالتوزيع– دمشق – ص.ب 6348

[vi] د. محمد شحرور – الكتاب
والقرآن … – مصدر سابق – ص257 .

[vii] الأعمال الكاملة للمستشار
محمد سعيد العشماوى – كتاب أصول الشريعة – مكتبة مدبولى الصغير– الطبعة الرابعة
1416هـ- 1996م – رقم الإيداع 9339/ 95

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار