الفصل الرابع والثلاثون

الفصل
الرابع والثلاثون
نبوات عن آلامه وموته.
1 الكتب المقدسة أيضًا لم تصمت عن ذكر
موته، بل على العكس أشارت إليه بوضوح تام. ولكي لا يتشكك أحد بسبب نقص المعرفة للأحداث
الفعلية، فإنها لم تخش أن تتحدث عن سبب موته[1]
إذ هو لم يحتمل الموت لأجل نفسه بل من أجل خلود الجميع وخلاصهم كما تحدثت الكتب عن
مؤامرات اليهود ضده وما لاقاه من إهانات منهم.
2 فالكتب تقول “ رجل أوجاع
ومختبر الحزن وكمُستَّرٍ عنه وجوهنا مُحتقر فلم نعتد به. لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا
تحملها ونحن حسبناه مصابًا مضروبًا من الله ومرذولاً وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا تأديب سلامنا
عليه وبجراحاته شُفينا“[2].
يالها من محبة عجيبة للبشرية تلك التي أظهرها الكلمة من نحونا حتى أنه هو
يُهان[3]
لكى نحصل نحن على كرامة[4].
ثم يقول الكتاب: “ كُلنا كغنم ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه والرب سلّمه لأجل
خطايانا. ظُلم أما هو فلم يفتح فاه كشاة سيق إلى الذبح وكحمل صامت أمام الذى يجزه
فلم يفتح فاه في اتضاعه رفعت عنه قضيته “[5].
3 ولئلا يظن أحد بسبب آلامه أنه إنسان
عادي فقد سبق الكتاب وأشار إلى أوهام البشر معلنًا قوته واختلاف طبيعته عن طبيعتنا[6]
إذ يقول الكتاب: ” من يُخبر بجيله؟[7]
لأن حياته انتزعت من الأرض لأنه سيق إلى الموت بسبب شر الشعب، وجُعِلَ مع الأشرار قبره ومع
غنيٍ عند موته، على أنه لم يعمل شرًا ولا وُجِدَ في فمه غش“[8].
1 أى الموت
بواسطة الصليب متحملاً الآلام من أجلنا. ولقد ظن اليهود أن المسيح لن يقاسِ ألمًا عندما يأتى انظر المقالة الثانية ضد الآريوسيين.
فقرة 15.
4 هذه الجملة
على وزن الجملة الشهيرة للقديس أثناسيوس ” لأن كلمة الله صار إنسانًا لكى يؤلهنا نحن ” فصل 54/3.
1 يوضح القديس
أثناسيوس أن اليهود حينذاك ضلوا وبالتالى أضلوا الأمم وذلك بعدم فهمهم أن طبيعة
المسيح تختلف عن طبيعتنا فاعتقدوا أن المسيح هو مجرد إنسان من نسل داود ولم يؤمنوا به على أنه هو الله وكلمة الله الذي صار إنسانًا (رسالة عن ديونيسيوس الاسكندرى: 8). وأثناء صراعه ضد الآريوسيين الذين
أنكروا ألوهية الابن لأنهم هم أيضًا اعتقدوا أن طبيعة الابن هى مثل طبيعة باقى
المخلوقات، دعا القديس أثناسيوس الآريوسيين بأنهم يعتقدون مثل اليهود” انظر
المقالة الأولى ضد الآريوسيين. فقرة 38.