الفصل التاسع والعشرون

الفصل
التاسع والعشرون
نتائج عجيبة سببها صلب المسيح وقيامته. كما أن النهار هو نتيجة لإشراق الشمس.
1
فإن كان الموت يداس بالإيمان بالمسيح وبعلامة الصليب، فلابد أن يكون واضحًا أمام محكمة الحق[1]، أنه ليس أحد
آخر سوى المسيح نفسه له الغلبة والنصرة على الموت وهو الذى أفقده كل قوته.
2
وإن كان الموت مرعبًا وقويًا فيما سبق، والآن بعد مجىء المخلّص وموت جسده وقيامته فإن الموت يُحتقر، فلابد أن يكون واضحًا أن
المسيح نفسه الذى صعد على الصليب[2] هو الذى
أباد الموت وغلبه[3].
3
لأنه كما أن الشمس تشرق بعد الليل، وتستنير بها الأرض كلها فلا يكون هناك شك بالمرة فى أن الشمس هى التى نشرت نورها فى
كل مكان وهى التى بدّدت الظلام وأنارت كل الأشياء[4]،
هكذا أيضًا إن كان الموت قد احتُقر ووُطئ تحت الأقدام منذ الظهور الخلاصى للمخلّص
فى الجسد وموته على الصليب[5]، فيبقى أن
يكون واضحًا تمامًا أن المخلّص نفسه الذى ظهر فى الجسد هو الذى أباد الموت وهو الذى يُظهر علامات
النصرة على الموت فى تلاميذه كل يوم.
4
لأنه عندما يرى الإنسان أن البشر الضعفاء بطبيعتهم[6]
يسرعون إلى الموت ويتهافتون عليه ولا يخشون فساده ولا ينزعجون من موارتهم في
القبر، بل يتحدّون الموت بحماس، ولا يجزعون من التعذيب، بل بالعكس فإنهم من أجل
المسيح يندفعون نحو الموت بحماس[7]
مفضلّينه على الحياة هنا، أو عندما يشاهد الإنسان بنفسه الرجال والنساء والأطفال
يندفعون ويقفزون إلى الموت لأجل الإيمان بالمسيح، فمن يكون غبيًا بهذا القدر أو من
يكون متشككاً أو عديم العقل حتى أنه لا يُدرك ولا يفهم أن المسيح الذى يشهد له هؤلاء الناس هو
نفسه الذى يَهِب ويعطى كل واحد منهم النصرة على الموت؟ إذ أنه يجعل الموت ضعيفًا
أمام كل من يتمسك بإيمان المسيح، ويحمل علامة الصليب.
5
من ذا الذى يرى الحيّة مدوسة تحت الأقدام[8]
وخصوصًا وهو يعرف توحشها السابق ويشك فى أنها قد ماتت وفقدت قوتها تمامًا، إلاّ
إذا كان قد فقد اتزانه العقلي أو كانت حواسه الجسدية غير سليمة؟ ومن ذا الذى يرى
أسدًا[9]
والأطفال[10]
يلعبون به ولا يعرف إما أنه ميت أو أنه فقد كل قوته؟[11]
6
وكما أنه يمكن أن نرى بأعيننا أن كل هذا حق، هكذا فحينما يعبث مؤمنو المسيح بالموت ويحتقرونه فيجب ألاّ يشك أحد فيما بعد ولا يبقى غير مصدَّق
بأن المسيح قد أبطل الموت وأوقف فساد الموت وأباده.
1 انظر ضد
الوثنيين. فصل 20/1حيث يستخدم القديس أثناسيوس نفس هذا التعبير، ويقصد به أنه أمام
المحكمة لابد وأن يعطى دليلاً وبرهانًا، فالأمر الذي يُشك فيه يتم اثباته بأمر غير
مشكوك فيه. ودائمًا ما كان القديس أثناسيوس يستخدم تعبير ” برهان ” كما
كان يقدم براهين للكل وخصوصًا لمَن يدّعون أنهم فلاسفة filosofoˆ أى محبى الحق انظر فصل 41/2.
2 تعبير
” المسيح نفسه الذي صعد على الصليب ” يدل على أن السيد المسيح قَبِل موت الصليب بإرادته. انظر
فصل 22.
4 كثيرًا ما
يستخدم القديس أثناسيوس مَثَل الشمس لشرح أمور تخص الله وذلك في المقالتين الدفاعيتين: “ضد الوثنيين”
و”تجسد الكلمة”. وأيضًا يستخدمه في بيان أنه مع وضوح ألوهية المسيح من خلال أعماله وانتشار تعاليمه إلاّ أن هناك مَن ينكره. (انظر
فصول 32، 40، 55 من تجسد الكلمة).