الفصل الثالث والعشرون

الفصل الثالث
والعشرون
ضرورة
الموت علانية لأجل الإيمان بحقيقة القيامة.
1
وحتى ولو لم يكن به أي مرض أو وجع، وافترضنا أنه هو نفسه قام بإخفاء جسده ”
فى زاوية “[1]
أو فى صحراء أو منزل، أو أي مكان آخر، ثم بعد ذلك ظهر فجأة قائلا أنه قام من بين
الأموات، لترآى للجميع أنه يتكلم بكلام هذيان[2]
ولَمَا صدقوا ما قاله عن القيامة، لأنه لم يكن هناك أي شاهد على موته.
فالموت
لابد أن يسبق القيامة، لأنه لا يمكن أن تكون هناك قيامة ما لم يسبقها موت. فلو أن
موت جسده كان قد حدث سرًا في أى مكان ولم يكن الموت ظاهرًا، ولم يحدث أمام شهود،
لكانت قيامته أيضًا مخفيّة ولا يوجد دليل عليها.
2
ولماذا يجعل موته سرًا إن كان، بعد ما قام، أعلن قيامته جهارًا؟ أو إن كان قد طرد
الشياطين أمام الجميع، وجعل الأعمى منذ ولادته يستعيد بصره، وحوّل الماء إلى خمر[3]،
حتى بواسطة هذه الآيات يؤمن الجميع أنه كلمة الله؛ فلماذا لا يُظهِر أمام الجميع عدم فساد جسده[4]
الذى كان قابلاً للموت، لكى يؤمن الجميع أنه هو “الحياة”؟[5]
3
وكيف يكون لتلاميذه الجسارة[6]
على أن يتكلموا عن القيامة إن كانوا لا يستطيعون أن يقولوا إنه مات أولاً؟ أو كيف
يمكن أن يصدق أحد قولهم إن الموت حدث أولاً ثم بعد ذلك القيامة لو لم يكن هناك
شهود على موته من بين الذين يكلمونهم؟
4
لأنه رغم أن موته وقيامته قد حدثا أمام الجميع فإن الفريسيين حينئذ لم يؤمنوا، بل
أجبروا حتى أولئك الذين رأوا القيامة أن ينكروها[7].
فلو أن هذه الأمور حدثت سرًا فما أكثر الحجج التى كانوا سيخترعونها ليبرّروا بها
عدم إيمانهم!
5
وكيف كان يمكن تقديم البرهان على إبطال الموت والانتصار عليه لو لم يكن قد واجه[8]
الموت أمام أعين الجميع[9]
وأظهر أنه ميت، وأنه سيتلاشى كلية في المستقبل، وذلك بواسطة عدم فساد جسده؟
3 سبق أن ذكر
القديس أثناسيوس هذه المعجزات في فصل 18 وبيّن كيف أن الرب وقد أتمها في الجسد فقد كانت كافية لكى يعرف البشر حقيقة الابن المتجسد وبه يعرفون الآب (ومعرفة الآب هى السبب
الثانى للتجسد).
1 والقيامة
تعيد للإنسان حالة عدم الفساد (وهذا هو السبب الأول للتجسد). وعندما يحقق المسيح القيامة وبطريقة علنية فإن السبب الأول يتحقق وإن كان لا يرى.
5 حرفيًا
(واجه قضائيًا). ولقد استخدم القديس أثناسيوس هذا المصطلح القانونى ليوضح أن موت
المسيح على الصليب نيابة عن البشر هو إتمام للحكم الإلهى ولهذا فبموته جسديًا صان صدق الآب من جهة الجميع وفي نفس الوقت أبطل عن البشر ناموس الفناء وذلك لأن سلطان الموت قد استنفذ في جسد الرب فلا يعود
للموت سلطان على أجساد البشر (انظر فصلى 7، 8).