مدخل عام للكتاب المقدس
سلسلة مدخل عام للكتاب المقدس – الجزء الثاني المدخل لأسفار موسى (5) التقسيم اليهودي للعهد القديم، الرسالة الروحية لأسفار موسى الخمسة

التقسيم اليهودي للعهد القديم
يُقسم اليهود الكتاب المقدس [ العهد القديم ] إلى ثلاثة أقسام رئيسية :
1 – التوراة (Torah): أسفار موسى الخمسة
2 – الأنبياء (نبيِّيمْ – nebi’im): (أ) الأنبياء الأولون: [ يشوع – قضاة – صموئيل (كتاب واحد: الأول والثاني معاً) – الملوك (كتاب واحد: الأول والثاني معاً) ]
(ب) الأنبياء المتأخرون: الأنبياء الصغار (في سفرٍ واحد) والأنبياء الكبار [ إشعياء – إرميا – حزقيال ]
3 – الكتابات (كِتُوبيمْ – Ketubim): (أ) المزامير – الأمثال – أيوب (وتُدعى الكتابات الأولى )
نشيد الأنشاد (أو نشيد الأناشيد) – راعوث – مراثي إرميا – الجامعة – أستير (وهي تُدعى المجيللوت أي الدروج )
(ب) دانيال – عزرا – نحميا – أخبار الأيام (الأول والثاني في كتاب واحد) وهي تُدعى الكُتب المتأخرة
ونجد أن الرب يسوع قد أشار لهذا التقسيم حيث قال: [ هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم: أنه لابد أن يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى (التوراة) والأنبياء (نبييم) والمزامير (كتوبيم) ] (لوقا24: 44)، حيث أن المزامير هي النموذج المُمثل للقسم الثالث من العهد القديم.
والأسفار القانونية في اليهودية 24 سفراً. هذا إذا دمجنا 1صموئيل مع 2صموئيل، 1ملوك مع 2ملوك، 1أخبار مع 2 أخبار، وعزرا مع نحميا، واعتبرنا الأسفار الاثني عشر سفراً واحداً. غير أن مجموع الأسفار عند يوسيفوس المؤرخ اليهودي هو 22 سفراً إذا دُمِجَ راعوث بسفر القُضاة، ومراثي إرميا بسفر إرميا.
أما الترتيب المسيحي للكتب المقدسة فهوة يتبع الترجمة السبعينية (الترجمة اليونانية للعهد القديم) والأسفار في الترجمة السبعينية تختلف في الترتيب والعناوين فقط.
أما في الكنائس التقليدية فهي تتضمن الأسفار القانونية الثانية وهي [ طوبيا – يهوديت – تتممه أستير – الحكمة – يشوع ابن سيراخ – باروخ أو باروك – تتممه دانيال – المكابين الأول – المكابين الثاني – مزمور 151 ]
وترتيب الترجمة السبعينية ناجم عن موضوعات الأسفار واسلوب الكتابة (شعراً أو نثراً مثلاً) بالإضافة لحجم السفر، فبعض الأسفار المُسماة بأسفار تاريخية في السبعينية أطلق عليها اليهود أسفار الأنبياء الأول مثل [ يشوع، قُضاة، صموئيل الأول والثاني؛ ملوك الأول والثاني ] والتي تُعد امتداداً لقصة التوراة من موت موسى إلى السبي البابلي (فترة تزيد عن 6 قرون) من القرن الثالث عشر إلى القرن السادس ق.م.
واستخدام اسم (أنبياء أولون) لهذه الأسفار يرجع إما لكاتبيها بوصفهم أنبياء أوائل، أو لأنها تتضمن تاريخاً عن حياة بعض أنبياء إسرائيل في وقت مبكر. وسفر راعوث يأتي بعد القضاة دليلاً على أنها حدثت زمن القضاة كما يقول كثير من الشُراح والمؤرخين (1200 – 1000 ق.م)، وأسفار 1أخبارن 2 أخبار وعزرا ونحميا وأستير، تُعدّ امتداداً للتاريخ الإسرائيلي أيام الحكم الفارسي.
وعناوين السفار في الكتب المقدسة العبرية عبارة عن كلمة أو كلمات افتتاحية للسفر مثل “في البدء” لسفر التكوين و “هذه أسماء ” لسفر الخروج … الخ؛ كما سوف نرى في مقدمة عن أسفار موسى الخمسة، أما العناوين المسيحية فهي بحسب الترجمة السبعينية لتصف مضمون السفر. الكاتب أو الشخصية الرئيسية التي يتحدث عنها السفر.
ما هي أسفار موسى الخمسة ؟
هي الخمسة الأسفار الأولى من الكتاب المقدس وكان يطلق عليها اليهود [ خمسة أخماس الشريعة ] كما يدعونها بالعبرية תּוֺרָה – Torah – توراة؛ وقد تُرجمت هذه الكلمة إلى عده معاني: [ اتجاه – تعليم – ناموس – شريعة – وصية – يُرشد – يُعلِّم ]، ولكن في أغلب المواضع في الكتاب المقدس أتت بمعنى [ ناموس ] وأيضاً [ شرائع وأحكام ]، وبالطبع لم يقتصر معناها على الشرائع والأحكام، وإنما امتد المعنى ليشمل كل ما يختص بعلاقة الله في عهده مع إسرائيل، وهي النقطة الهامة والركيزة الأساسية لأسفار موسى الخمسة، ولا بد أن تُقرأ على هذا الأساس …
ولذلك فرغم من أن الاسم [ التوراة ] كان يُستخدم أصلاً للدلالة على أسفار موسى الخمسة، لِما بينها من رِباط داخلي موضوعي يجعل منها وحدة واحدة، ولكونها تتمركز حول الشريعة السماوية (الكلمات العشرة ) التي تسلَّمها موسى النبي من يد الله كبنود عهد، إلاَّ أن هذا الاسم (التوراة) كثيراً ما يُعَمَّم على كل أسفار العهد القديم، بسبب اشتراكها جميعاً في نفس ذات الهدف النهائي للأسفار الخمسة، فالأسفار الخمسة تعتبر الركيزة أو نواة العهد القديم كله.
تسمية الأسفار الأولى – التوراة:
أولاً بالنسبة للتقليد اليوناني والترجمة السبعينية: سُميت الأسفار الأولى بالأسفار الخمسة مأخوذة من الاسم الذي أُطلق عليها في الترجمة السبعينية باللغة اليونانية [ Pentateuch – ή πεντάτευχος ] بنتاتيوك، كما أن أسماءها مترجمة من اليونانية وهي تُشير إلى محتوياتها :
فيُدعى السفر الأول: التكوين = Genesis = Γένεσις، لأنه يُخبرنا عن بداية كل الأشياء في بدء تكوينها ومصدر وجودها .
والسفر الثاني: الخروج = Exodus = ῎Eξοδος، وهو يدور حول خروج بني إسرائيل من أرض مصر وإبرام العهد معهم وتسليم بنود العهد والشريعة على جبل حوريب في سيناء.
والسفر الثالث اللاويين = Leviticus = Λευιτικός، أو سفر الأحبار، وهو يشرح بدقة العبادة ودور سبط لاوي – سبط الكهنة – في العبادة وتقديم الذبائح لغرض تقديس شعب الله.
والسفر الرابع العدد = Numbers = Ἀριθμοί، وهو اسم غير دقيق للسفر وهو يُشير في الترجمة اليونانية السبعينية إلى عدد الأسباط وإحصاءاتها، مع أن ليس هذا هو هدف السفر الرئيسي كما سوف نرى حينما نضع إيجازاً عن السفر وتقسيمه.
والسفر الخامس التثنية = Deuteronomy = Δευτερονόμιον، وهو سفر يتم تكرار فيه الشريعة على مسامع الشعب في ثلاثة خطابات لموسى النبي وهو سفر تعليمي يُركز على خبرة بني إسرائيل وحفر التعليم في قلوبهم لحفظ العهد مع الله بأمانة، بغرض ضمان بقائهم وثبات أقدامهم في الأرض التي وعدهم الله.
ثانياً بالنسبة للتقليد العبري والترجمة العبرية: فهو يكتفي عموماً بتسمية كل سفر من هذه الأسفار الخمسة الأولى بأول كلمة عبرية يبدأ بها أو تتضمنها الآية الأولى منه، لأنها في الأساس والأصل تُعبَّر عن السفر ككل ومضمونه:
+ فسفر التكوين يُدعى = بيراشيت = בּֽרֵאשִׁית = Bereshith = في البدء
+ وسفر الخروج يُدعى = واليه شيموت = וֽאֵלֶּה שִׁמוֺת = We’eleh shemoth = وهذه أسماء
+ وسفر اللاويين يُدعى = وايِقرا = וַיִּקךׇא = Wayiqra = ودَعاَ
+ وسفر العدد يُدعى = بميدبار = בּֽמִדֽבַּר = Bemidbar = في البرية
+ وسفر التثنية يُدعى = إليه هدبريم = אֵלֶּה הַדּֽבָרִים = Eleh hadbarim = هذا هو الكلام أو هذه الكلمات أو هذا كلام