الارشاد الروحى
التغرب عن النفس وعن الله

بُعد الإنسان عن المسيح الرب القيامة والحياة، وعدم تأصله فيه، يجعله متغرب عن نفسه وعن الكنيسة جسد المسيح وأعضاؤه وبالتالي عن الحق:
[ لكي يدان جميع الذين لم يصدقوا الحق بل سروا بالإثم ] (2تسالونيكي 2: 12)
[ يتعلمن في كل حين ولا يستطعن أن يُقبلن إلى معرفة الحق أبدا ] (2تيموثاوس 3: 7)
هذا كفيل بأن يجعل الإنسان متمسكاً بالمظهر الخارجي والحفاظ على وضعه الصوري والشكلي في المسيح والكنيسة، له صورة التقوى وينكر قوتها، فيبدأ يدافع عن هذا الحق الشكلي – الذي هو الباطل بعينه – بتشدد يصل إلى التعصب المُميت وخسارة كل من هم حوله، بحجة الدفاع عن الحق الذي عاشه الآباء وسلموه لنا بالتقليد والخبرة، والدفاع المستميت عن طائفته التي يرى أن فيها الحق كله، وأن أي مُخالف لها هو عدوه اللدود وعدو المسيح الرب أيضاً، ومرفوض على كل وجه، ولا يُمكن ان يُقبل لأنه محروم …
وفي الحقيقة أن هذا لا يدل إلا على شيئاً واحداً فقط وهو التغرب عن الله وبالتلي عن النفس، ورفض الحق – [ وبكل خديعة الإثم في الهالكين لأنهم لم يقبلوا محبة الحق حتى يخلصوا ] (2تسالونيكي 2: 10) – والتمسك بالذات، وكبرياء القلب، لأن المسيح المحبة غائب عن النفس، والنفس غائبة عنه، ولا توجد روح الصلاة، وإن وجدت فشكلية صورية تتقوى بالناس ومديحهم الكاذب، ودليلها هو الافتخار والاعتداد بالذات على أساس الأفضلية، لأن الإنسان أساساً لم يطلب الله لكي يحيا به وفيه، لذلك لا نستغرب أبداً حينما نجد التعصب والتحزب والانشقاق والكلام الباطل وتحوير الحق لمصلحة الذات – [ أنتم من أب هو إبليس وشهوات أبيكم تريدون أن تعملوا ذاك كان قتالاً للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب (يوحنا 8: 44) ] – لأن كل هذا لا يُعبر إلا عن تغرب النفس وفقدانها لسرها الحقيقي الذي هو المسيح الرب، أصل الصورة الذي خُلقت عليها أساساً .
لذلك نطلب من الله أن يفتح عيوننا على شخصه لنعرفه عن قرب ونُعطي له أنفسنا ونتشح به، لكي نحيا به ونتحرك ونوجد على مستوى الفعل والعمل كما قال القديس بولس الرسول : [ لأننا به نحيا ونتحرك ونوجد ] (أعمال 17: 28)
فحينما نطلب المسيح الذي هو الحق: [ قال له يسوع أنا هو الطريق والحق والحياة، ليس أحد يأتي إلى الآب إلا بي ] (يوحنا 14: 6)، حينئذٍ فقط سنحيا بالحق ونعيش كما يحق لإنجيل المسيح ونستنير ونسير وفق طريق الله الصحيح، لأن في تلك الساعة سيتجلى الحق ويظهر فينا بقوة وحياة مُعاشه، وكما هو مكتوب: [ وتعرفون الحق والحق يُحرركم ] (يوحنا 8: 32)، [ فأن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً ] (يوحنا 8: 36)، فيصبح الحق فينا حُرية، ونطلبه ونتكلم به ونتحرك نحوه …
[ روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما انتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم و يكون فيكم ] (يوحنا 14: 17)
[ وأما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم إلى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأمور آتية ] (يوحنا 16: 13)
وكما هو مكتوب: [ أعطِ الحكيم فرصة فيزداد ] أي يصير أوفر حكمة، لذلك أترك فرصة لكم جميعاً أن تتعمقوا في تلك الكلمات بروح الصلاة وطلب المسيح الرب، لكي ما يكون شارحاً للحق بنفسه، لأنه هو هو الحق عينه… فلنتب ونعود إليه سريعاً جداً، طالبين وملتمسين منه الحرية، لأنه أن حرركم الابن فبالحقيقة تكونون أحراراً.
فمن الضروري جداً الآن أن نستفيق، طالبين الحق ذاته معنا في هذه اللحظة ونحن نقرأ هذا المقال، أي يكون قائم معنا الآن شخص المسيح الكلمة والحق المُطلق، لكي ما يُحررنا ونحيا به ونتحرك ونوجد فيه:
+ الذي فيه أيضا أنتم إذ سمعتم كلمة الحق إنجيل خلاصكم الذي فيه أيضاً إذ آمنتم ختمتم بروح الموعد القدوس – أفسس 1: 13
+ وتلبسوا الإنسان الجديد المخلوق بحسب الله في البرّ وقداسة الحق – أفسس 4: 24
+ فاثبتوا ممنطقين أحقاءكم بالحق ولابسين درع البر – أفسس 6: 14
+ وأما نحن فينبغي لنا أن نشكر الله كل حين لأجلكم أيها الإخوة المحبوبون من الرب إن الله اختاركم من البدء للخلاص بتقديس الروح و تصديق الحق – 2تسالونيكي 2: 13