علم

بالموت داس الموت



بالموت داس الموت

بالموت
داس الموت

القديس
أمبروسيوس

 

«هو
البداءة بكر من الاموات» (كو 1: 18)

لأي
سبب مات المسيح إلاَّ لأنه كان يجب أن يقوم؟

ففي
الواقع، بما أنه لم يكن ممكناً لابن الله أن يموت، ومَن لا يمكنه أن يموت لا يمكنه
أيضاً أن يقوم؛ لذلك فقد أخذ ابن الله جسداً قابلاً للموت، لكي بهذا الجسد، والذي
من خواصه الموت، تكون له إمكانية القيامة. وهكذا، فالقيامة لم يكن ممكناً أن تحدث
إلاَّ بإنسان: «فانه اذ الموت بانسان , بانسان ايضا قيامة الاموات» (1كو 15: 21).

لقد
قام ابن الإنسان لأنه هو ابن الإنسان الذي مات. قام ابن الإنسان، والله هو الذي
أقامه. كان إنساناً بحسب الجسد، ونحن ندرك تماماً الآن أنه هو في نفس الوقت الإله،
لأننا الآن لا نعرف المسيح بعد حسب الجسد (2كو 5: 16)، بل نحتفظ بنعمة جسده ونعرفه
كباكورة لأولئك الذين رقدوا (1كو 15: 20)، وكبِكْر من بين الأموات (كو 1: 18).
والباكورات تكون من نفس النوع ومن نفس طبيعة الثمار التي تأتي بعدها. والثمار
الأولى تُقدَّم لله من أجل جني محصول أكثر وفرة، أي كتقدمة مقدسة عن كل الثمار
الأخرى، وكقربان مُمثِّل للطبيعة المجدَّدة.

 

المسيح،
إذن، هو باكورة الراقدين. ولكن هل هو باكورة عن أخصائه فقط الذين رقدوا بسلام، كما
لو كانوا وحدهم معفيين من الموت، أم من أجل جميع الأموات؟ يُجيبنا الكتاب على ذلك
قائلاً: «كما في ادم يموت الجميع هكذا في المسيح سيحيا الجميع» (1كو 15: 22). هكذا
فإن كانت باكورة الموت هي في آدم، فإن باكورة القيامة صارت في المسيح…

 

فإن
كنا لا نقوم، «فالمسيح، إذن، مات بلا سبب» (غل 2: 21)، و«لا يكون المسيح قد قام»
(1كو 15: 13). وإن لم يكن المسيح قد قام لأجلنا، فإنه لا يكون قد قام البتة، لأنه
لم يكن في نفسه بحاجة قط أن يقوم، لأن فيه قام العالم، وقامت السماء، وقامت الأرض،
وفيه سوف تكون هناك «سماء جديدة وأرض جديدة» (رؤ 21: 1). فما الذي جعله يقوم، إذن،
طالما أن قيود الموت لم تكن تستطيع أن تمسكه؟ لقد مات تماماً كإنسان، واستطاع بذلك
أن ينزل إلى الجحيم ذاته. ولكن لأنه كان غير مُقيَّد برباطات الموت «بين الاموات
فراشي» (مز 88: 5) لذلك فقد كان حُرّاً تماماً حتى أمكنه أن يقوم، طبقاً لِمَا هو
مكتوب: «انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أُقيمه» (يو 2: 19)، وحُرّاً تماماً حتى
أنه حرَّر وأقام الآخرين معه.

 

لقد
صار إنساناً، ليس في الظاهر، بل في الحقيقة: «من يعرفه» (إر 17: 9). لأنه حقاً
تشبَّه بالناس ووضع نفسه أيضاً إلى المنتهى حتى الموت (في 2: 8،7)، حتى بفضل طاعته،
نتأمل مجده كالابن الوحيد الذي تكلَّم عنه القديس يوحنا (يو 1: 14). هكذا ففي
المسيح يجتمع معاً: مجد الابن الوحيد، والطبيعة البشرية للإنسان، طبقاً لشهادة
الكتاب الثابتة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار