المسيحية

أديان الجزيرة العربية قبل الإسلام



أديان الجزيرة العربية قبل الإسلام

أديان
الجزيرة العربية قبل الإسلام

هي
تلك البقعة الجغرافية التي تُحد بالخليج الفارسي شرقاً؟ والبحر الأحمر غرباً؟
والمحيط الهندي جنوباً؟ وبادية العراق والشام شمالاً, وهي تلك المنطقة التي نشأ
فيها الإسلام دين التوحيد المطلق؟ وترعرع فيها؟ وانطلق منها ليحكم أكثر من نصف
المسكونة, وأيضاً هي المنطقة التي تميزت بكثرة الباحثين عن الله من أهلها بدءاً من
كعب بن لؤي جد النبي البعيد؟ مروراً بزيد بن عمرو بن نفيل؟ وسويد بن الصامت؟ حتى
أمية بن أبي الصلت,

وقد
حبى الله الجزيرة بموقع منيع؟ فلم يكن من السهولة بمكان أن يهاجر إليها أحد إلا عن
طريق بادية العراق والشام- مهد الأديان- مما جعل هذه الجزيرة ملجأ لكل دعاة
الأديان؟ أو للفارين من الاضطهاد؟ أو الهراطقة, والجزيرة العربية هي ميدان لكل
الباحثين الجاد منهم والهازل؟ فكم من كتب ومجلدات كتبت عنها؟ منها ما هو غث وما هو
سمين وهي أيضاً ميداننا,, ودعوتنا للقارئ أن يشد رحاله إلى تلك الرحلة الشيقة
للجزيرة العربية وأديانها قبل الإسلام,

استهلال

لا
يخلو موضوع البحث في تاريخ الديانات في الجزيرة العربية قبل الإسلام من المتعة
والإرهاق؟ أما المتعة فهي في محاولة سبر أغوار التاريخ والخروج بالحقيقة من وسط
هذا الكم الهائل من الأقوال والأساطير؟ وأما الإرهاق فهو لصعوبة المصادر والمراجع
حول هذا الموضوع, فمعظم المصادر إما فُقد أوأُعدم عمداً؟ فليس بخفي على أحد أن
الغزوات التي تعرضت لها المنطقة العربية قد أفقدتها أعظم مكتبتين في التاريخ
البشري؟ هما مكتبتا الإسكندرية وبغداد, ولعل القارئ يشعر بكم الإرهاق حين يحاول
التيقن بنفسه من صدق خبر ورد في أحد كتب التاريخ العربي؟ فليس عندنا مثلاً أي شيء
من الشعر الوثني الذي كُتب قبل الإسلام؟ ومن غير المعقول ألا يكتب قوم غارقون في
عبادة الأصنام أي شيء عن أصنامهم؟ شعراً كان أم نثراً- اللهم إلا الشعر الذي تُسب
فيه هذه الأصنام- كأشعار زيد بن عمرو بن نفيل- وجُل ما استطعت أن أفعله هو اعتمادي
على كتابات من يؤمنون بعقيدة ما أو الاعتماد على أكثر المراجع حيادية, فمثلاً
اعتمدت على الكتابات المنقولة عن اليهود والمسيحيية عند الحديث عنهم- ولم أناقش
صحة هذا المعتقد أو خطئه حيث أن هذا لا يدخل في مجال هذا البحث- أما في حالة
الوثنيين وغيرهم فقد اعتمدت على المراجع التاريخية وليست النقدية- دون التعرض بنقد
لهذه المعتقدات- ودعوت القارئ أن يحاول أن يكون محايداً عند قراءة هذا البحث؟ حيث
أنه- مرة أخرى- بحث تاريخي وليس بحثاً دينياً,

1-
الوثنية:

كان
للعرب آراء عدة في وثنيتهم فبعضهم كان يقول: ليس لنا أهلية لعبادة الله بلا واسطة
لعظمته؟ فلذلك نعبدها- أي الأصنام- لتقربنا منه؟ وقال آخرون: هي قبلة لنا مثل
الكعبة وفرقة اعتقدت أن لكل صنم شيطاناً موكلاً بأمر الله؟ فمن عبد الله حق عبادته
قضى له الشيطان حاجته (بلوغ الأرب للبغدادي- 2: 197-198),

وكان
أول صنم وضع حول الكعبة- كما يذكر اليعقوبي في تاريخه- هو هُبل؟ وكان على صورة
إنسان من عقيق أحمر مكسور الذراع؟ وقد قام العرب بعد ذلك بصناعة ذراع له من الذهب
الخالص, ويقول ابن هشام: إن عمرو بن لُحَى خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره؟
فلما قدِم مآب من أرض البلقاء؟ وبها يومئذ العماليق- وهم أولاد عملاق, ويُقال: عمليق؟
بن لاوذ؟ بن سام؟ بن نوح- رآهم يعبدون الأصنام؟ فقال لهم: ما هذه الأصنام التي
أراكم تعبدون؟ قالوا له: هذه أصنام نعبدها؟ فنستمطرها فتمطرنا؟ ونستنصرها فتنصرنا,
فقال لهم: أفلا تعطوني منها صنماً فأسير به إلى أرض العرب؟ فيعبدونه؟ فأعطوه صنماً
يُقال له: هُبل؟ فقدم به مكة؟ فنصبه؟ وأمر الناس بعبادته وتعظيمه (ابن هشام ج 1 ص
75),

أما
إساف ونائلة فكانا من أشهر أصنام العرب؟ وقد زعموا أنهما رجل وامرأة من جرهم؟ زنيا
في الكعبة؟ فمُسخا حجرين؟ ووضعا على الصفا والمروة, فعن عائشة- رضي الله عنها-
قالت: ما زلنا نسمع أن إسافاً ونائلة كانا رجلاً وامرأة من جرهم؟ أحدثا في الكعبة؟
فمسخهما الله تعالى حجرين (ابن هشام ج 1 ص 80),

ومن
أصنامهم أيضاً اللات: وهي صخرة بيضاء مربعة؟ بنت ثقيف عليها بيتاً يحجّون له؟
وكانت سِدانته لآل العاص ابن أبي يسار؟ وكان جميع العرب تعظمه وتقدم له الهدايا
والذبائح؟ وكانت تحت الصخرة حفرة يُقال لها غبغب تحفظ فيها الهدايا والنذور
والأموال التي كانت تقدم للصنم, فلما هدم المغيرة الصنم أخذ تلك الأموال وسلمها
إلى أبي سفيان امتثالاً لأمر الرسول (المفصل في تاريخ العرب- جواد علي- ج 6 ص
228),

أما
العزى: فكانت نخلات في الطريق بين مكة والعراق؟ وكانوا قد بنوا عليها بيتاً يطوفون
حوله ويسمعون الصوت (هواتف الجان) وقد عبد العرب العزى وتسمّوا باسمها مثل عبد
العزى بن عبد المطلب، وقد أقسم العرب بالعزى؟ ولها يقول درهم بن زيد الأوسي:

إني
ورب العزى السعيدة– والله الذي دون بيته سرف

وقد
كانت قريش وبني كنانة أكثر العرب تعظيماً للعزى؟ وكان سدنتها وحجابها من بني شيبان
من سليم؟ حلفاء بني هاشم (المفصل- جواد علي- ج 6 ص 242),

وقد
عبد العرب أيضاً مناة وتسموا بها؟ ولكن الأخباريون اختلفوا في هيئة مناة وشكلها؟
فمنهم من قال: إن مناة صخرة؟ سُميت بذلك لأن دماء النساك كانت تمنى عندها (أي
تراق), ومنهم من يقول: إنها صنم كان منصوباً على ساحل البحر، وقد جعله بعض الرواة
في الكعبة مع بقية الأصنام (المفصل- جواد علي- ج 6 ص 247),

وقد
كان كل العرب يعظمونها ولكن أكثرهم تعظيماً لها الأوس والخزرج؟ وقد كانوا يذبحون
لها؟ ويطوفون حولها,

وقد
قال بعض الباحثين والمؤرخين: أن اللات والعزى ومناة تدل على معبود واحد هو الزهرة
(النصرانية وآدابها- لويس شيخو- ص 10), ومع تقديري لشيخو ومن ذهبوا مذهبه إلا أني
لا أتفق معهم؟ فهذه الأسماء الثلاثة وردت في القرآن على نحو يخالف ما ذهبوا إليه
ففي سورة النجم 53: 19 و20 يقول القرآن: أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُّزَى،
وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى وليس من المعقول ولا المستساغ أن يكون المعنى
(أفرأيتم الزهرة والزهرة والزهرة الثالثة الأخرى), إذن هذه الأصنام ثلاثة معبودات
وليست معبدواً واحداً؟ فالعرب قبل الإسلام لم يكن لهم معبود واحد؟ ولم تكن وثنيتهم
توحيدية, وقد ذكر ابن هشام في السيرة أن أصنام العرب بلغت 360 صنماً؟ وكانوا لا
يفعلون شيئاً قبل سؤال أصنامهم؟ وكانوا يستسقون ويتشفعون ويقسمون بها, وكان من
أصنام العرب حسب ما يذكر ابن هشام يغوت: عبده طئ وجرش من مذحج؟ ويعوق: عبده همدان؟
وود عبده كلب بن وبرة من قضاعة؟ وسواع: عبده هُذيل؟ ونسر: عبده ذو الكلاع بحمير؟
وسعد: عبده بنو ملكان؟ وذو الخلصة: عبده دوس وخثعم وبجيلة (ابن هشام ج 1 ص 81),

يغوث:
وكان-على رواية ابن الكلبي- في جملة الأصنام التي فرقها عمرو بن لُحى على من
استجاب لدعوته من القبائل؟ وقد دفعه إلى أنعم بن عمرو المرادي؟ فوضعه بأكمة مذحج
باليمن؟ فعبدته مذحج ومن والاها؟ وكذا أهل جرش, وقد بقي في أنعم إلى أن قاتلتهم
عليه بنو غطيف من مراد؟ فهربوا به إلى نجران؟ فأقروه عند بني النار من ضباب, وفي
رأي جواد علي أن اسم هذا الصنم له علاقة بفكرة المتعبدين له عنه؟ أي أنهم كانوا
يرون أن يغيثهم ويساعدهم,

يعوق:
وهو أيضاً من جملة الأصنام التي فرقها بن لُحى؟ فكان أن سلمه إلى مالك بن مرثد من
همدان, ويذكر ابن الكلبي: أن خيوان اتخذت يعوق؟ وكان بقرية لهم يُقال لها خيوان من
صنعاء على ليلتين بمكة؟ ولم أسمع لها ولا لغيرها شعراً فيه ويستنتج جواد علي من
ملاحظة ابن الكلبي من أنه لم يسمع شعراً في يعوق؟ أن يعوقاً لم يكن من الأصنام
المهمة عند العرب- وقت ظهور الإسلام- وأن عبادته كانت قد تضائلت؟ وانحصرت في قبائل
معينة, وهناك بيت ينسب لمالك بن نبط الهمداني الملقب بذي المعشار؟ وهو من بني خارف
أو من يام بن أصي؟ هذا نصه:

يريش
الله في الدنيا ويبري

ولا
يبري يعوق ولا يريش

(المفصل-
جواد علي- 6: 262؟ 263)

ود:
وكان من نصيب عوف بن عذرة من قضاعة- أعطاه إياه عمرو بن لُحى- فوضعه في وادي
القرى؟ وسمى ابنه عبد ود؟ فكان أول من تسمى بهذا الاسم؟ وفي رواية لمحمد بن حبيب: أن
ود كان لبني وبرة؟ وكان سدنته من بني الفرافصة من كلب، وود- حسب ما يصفه ابن
الكلبي- تمثال لرجل كأعظم ما يكون من الرجال؟ قد ذبر عليه حلتان؟ متزر بحلة؟ مرتد
أخرى؟ عليه سيف قد تقلده؟ وقد تنكب قوساً؟ وبين يديه حربة فيها لواء؟ ووفضة فيها
نبل (الأصنام- ابن الكلبي- 35؟ 56),

سواع:
أما سواع؟ فكان موضعه برهاط من أرض ينبع, وقيل أنه صنم على صورة امرأة؟ وهو صنم
هذيل؟ وورد في رواية أخرى: أنه كان بنعمان, وقد عبدته كنانة؟ وهذيل؟ ومزينة وعمرو
بن قيس بن عيلان, وكان سدنته بنو صاهلة من هذيل، وفي رواية ثالثة: أنه كان لكنانة
(المفصل 6: 258),

ويذكر
ابن منظور في اللسان تحت كلمة: ثعلب أن غاوي بن عبد العزى كان عند سواع؟ إذ أقبل
ثعلبان يشتدان حتى تسنماه؟ فبالا عليه فقال غاوي:

أربٌّ
يبول الثعلبان برأسه

لقد
ذلّ من بالت عليه الثعالب

ثم
قال: يا معشر سليم! والله هذا الصنم لا يضر ولا ينفع؟ ولا يعطي ولا يمنع! فكسره
ولحق بالنبي في عام الفتح (اللسان- ثعلب- وقيل: إن الحادثة وقعت لعباس بن مرداس
وقيل: لأبي ذر الغفاري),

بالإضافة
لما سبق كان للعرب عدة أصنام أخرى اختلفت مكانتها من قبيلة لأخرى مثل:

رضى:
ويكتب رضاء أحياناً: وهو صنم بني ربيعة بن كعب؟ وهو أيضاً من الأصنام المعروفة
لقوم ثمود؟ وقد ورد اسمه في نصوص ثمودية عديدة؟ وكانت عبادته منتشرة بين العرب
الشماليين, وورد في نصوص تدمر وبين أسماء بني إرم؟ كما ورد في كتابات الصفويين
(المفصل 6: 269),

ذو
الخلصة: وهو صنم خثعم وبجيلة ودوس وأزد السراة؟ ومن قاربهم من بطون العرب من
هوازن؟ وقد كان له بيت يُطاف حوله؟ وكانوا يلبسونه القلائد؟ ويهدون له الشعير
والحنطة؟ ويصبون عليه اللبن؟ ويذبحون له؟ ويعلقون عليه بيض النعام,

سعد:
وكان لمالك وملكان ابني كنانة؟ بساحل جدة وكان عبارة عن صخرة طويلة يذبحون عندها؟
وقد روي أن رجلاً أقبل في إبل له ليقفها عليه؟ متبركاً به, فلما أدناها منه نفرت
الإبل؟ وذهبت في كل وجه وتفرقت فأسف الرجل وتناول حجراً فرماه به وقال: لا بارك
الله فيك إلهاً أنفرت عليّ إبلي؟ ثم خرج في طلبها حتى جمعها وانصرف عنه وهو يقول:

أتينا
إلى سعد ليجمع شملنا– فشتتنا سعد؟ فلا نحن من سعد

وهل
سعد إلى صخرة بتنوفة من– الأرض لا يُدعى لغي ولا رشد

المفصل
6: 275)

 

2-
عبادة الكواكب:

كما
سبق وقررنا أن العرب كانت لهم معبودات شتى؟ ولم تقتصر عبادتهم على الاصنام بل كان
كثير من قبائلهم يعبدون قوى الطبيعة من كواكب ونجوم؟ وكان لهذه العبادات الأثر الكبير
في تشكيل بنية المجتمع العربي؟ بل في تشكيل العقلية العربية- في ذلك الوقت- فقد
تركزت النظرة العربية للإله على قدر نفعه أو ضرره فكانوا يسترضون الإله الذي يخشون
غضبه بالقرابين؟ وأيضاً يقدمونها للإله الذي يستزيدون من مراحمه, ولعل هذا هو سبب
عبادتهم للشمس؟ والقمر؟ والشعري,,, ولكن أهم هذه الآلهة على الإطلاق كان الشمس,

الشمس:
بالرغم من اختلاف المؤرخين في عبادة العرب للشمس إلا أن المرجح انتشار عبادة الشمس
في شتى أنحاء الجزيرة, وقد رأى جواد علي أن شمس كان اسم صنم لبني تميم؟ عبدته معها
ضبة؟ وعدي؟ وعكل؟ وثور, إلا أن هناك من المؤرخين من يرى غير ذلك فهيرودتس- مثلاً-
يذكر في تاريخه أن العرب كانوا يعبدون إلاهاً سماه أروتال وهي لفظة آرامية مركبة
تعني النور المتعالي ثم ذكر أن أروتال هذا هو ديونيسيوس أو بخوس وهو إله الشمس عند
اليونان, ومن الأسماء التي شاع بها اسم الشمس في جهات العرب: ذو الشرى؟ والمحرق-
لا بد أن هذه التسمية سببها حرقهم لقرابين بشرية لهذا الإله- وذريح- عند فلهوزن؟
ونولدكة- ونكرح (النصرانية وآدابها- شيخو- ص 9 والمفصل 6: 286),

المقة:
لم يتفق معظم الباحثين على أصل تسمية المقة وهل كانت تمثل عند العرب الإله بعل أم
القمر ولعل أصوب تعليل لهذه التسمية هو ما قدمه د, القمني: من أن المقة اسم مركب
من جزئين؟ إل: وتعني إله أو رب؟ ومقة أو مكى: وتعني معبد, وعلى هذا يكون اسم المقة
يعني: إله أو رب مقة أو مكى أي إله المعبد الحرام الموجود على الأرض ويُسمى مكى
(الأسطورة والتراث- للقمني- ص 120), ويؤيد القمني أن المقة هو نفسه الإله ذو سموى
أو رب السماء؟ ويقصد به القمر, وقد ورود اسم المقة في كتابات المسند على نحو يصوره
بصورة ثور أحياناً؟ وبنسر أو حيات أحياناً أخرى؟ وهذا يؤكد أن هذا الإله كان يشير
إلى القمر (لأن هذه الرموز تدل على القمر عند الساميين), وقد أُشير الى المقة ب
هلل بمعنى هلال وب ربع وحول وهذه الأسماء كلها تشير إلى القمر (المفصل 6: 269),

الزهرة:
وتُسمى عند العرب- أحياناً- عثتر؟ وكوكب الصبح؟ وقد كان العرب يتعبدون له بتقديم
قرابين بشرية؟ ودائماً يكون القربان طفلاً؟ وكانوا يصورون الإله عثتر في صورة طفل
صغير, وقد ورد دعاء عُثر على نصه في حران: إننا نقدم لك قرباناً يشبهك، وقد ذكر
نيلوس أن العرب سرقوا ابنه الجميل ثيودولس وعزموا على تقديمه قرباناً لكوكب الصبح-
الزهرة- (المفصل 6: 171) ويروي الغلام بعد نجاته قصة اختطافه فيقول: وكان هؤلاء
الغزاة قد عزموا على تضحيتي لنجمة الصبح؟ فأعدوا كل شيء للذبيحة في سحر اليوم
التالي؟ فأقاموا لذلك وهيّأوا السيف والسكب والأًقداح والبخور, وكنت أنا ملقى على
وجهي على الحضيض- أما نفسي فكانت مرتفعة إلى الله أدعو إليه بحرارة كي ينقذني من
هذا الخطر العظيم،,, وكانوا قد قضوا قسماً كبيراً من ليلهم أكلاً وشرباً وقصفاً
حتى غلب عليهم النوم فهجعوا إلى الصباح ولم يستيقظوا إلا والشمس قد طلعت وفات وقت
الضحية,,, فلما رأوا ذلك أخذوني إلى قرية تُدعى سوقا وتهددوا بقتلي أمام أهلها إن
لم يفدني أحد منهم؟ فرحمني أحدهم ودفع فديتي واهتم بشأني أسقف المحل, وها أنا الآن
عائد إلى والدي (النصرانية وآدابها- لويس شيخو- ص 17),

التلبية
والعبادات:

كانت
لكل هذه الأصنام تلبيات مختلفة؟ وقد ذُكرت في أكثر من مصدر ومن أشهر هذه التلبيات
قولهم: لبيك اللهم لبيك؟ لبيك لا شريك لك؟ إلا شريك هو لك تملكه وما ملك وكذلك
لبيك اللهم لبيك؟ لبيك إن جرهما عبادك ولبيك اللهم لبيك لأننا عبيد؟ وكلنا ميسرة
وأنت ربنا الحميد،

وقد
كان لهم بجوار ذلك شرائع عدة في العبادة منها: الحج؟ والطواف؟ والتلبية؟ ورمي
الجمار؟ والصلاة والصوم وتحريم زواج الأمهات والبنات؟ والخالات؟ والعمات؟ وخِطبة
المرأة لوليها؟ ويطلقون ثلاثاً؟ ويحرمون الأشهر الحُرم والبلد الحرام مكة ويكفنون
موتاهم ويصلون عليهم ويختتنون؟ ويطلقون اللحى ويستعملون السواك؟ ويقصون شورابهم,,,
(راجع: المفصل لجواد علي ج 6- الملل والنحل للشهرستاني ج 2- بلوغ الأرب للبغدادي ج
2),

هذا
جزء من الموروث التشريعي لدى بعض عرب ما قبل الإسلام؟ وهو الجزء الذي رسخ في
العقلية العربية؟وخاصة عندما أقر النبي العرب بعض هذه الشرائع التي وافقت الإسلام؟
أو تلك التي لم يُنزل فيها وحي,

ولكن
الكثير أيضاً من هذه الشرائع والشعائر؟ لم يوافق عليها الإسلام بل حاربها أشد
محاربة حتى خبت وتلاشت؟ وسنتعرف في الفصول القادمة على بقية الموروث العقائدي
والتشريعي لعرب ما قبل الإسلام؟ وخاصة ما أقره الإسلام منه,

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار