المسيحية

محمد هل تنبأ عنه الكتاب المقدس



محمد هل تنبأ عنه الكتاب المقدس

محمد
هل تنبأ عنه الكتاب المقدس

مقدمة
الكتاب

يقول
الدكتور أحمد حجازي السقّا في كتابه: (“بيركليت” اسم نبي الإسلام في
إنجيل عيسى عليه السلام حسب شهادة يوحنا) وقد جاء في مقدمة الكتاب صفحة 3، بقلم
الكاتب عن الغرض من الكتاب قائلاً: “أن نُلزِم النصارى بالإسلام من واقع
النصوص التي يقدسونها، وإن لم يسلموا فقد أدينا واجبنا وأرحنا ضميرنا، فإنه (ما
على الرسول إلا البلاغ) لأننا نحن أبناء الإسلام ملزمون شرعاً بتبليغ الدعوة إلى
جميع الناس في كل مكان”.

 

ثم
يضيف الكاتب في صفحة 4، قائلاً: “ولم أذكر فيه اسم نبي الإسلام صلى الله عليه
وسلم في متى ولوقا وبرنابا. وإنما ذكرت فيه اسمه في يوحنا فقط. لأحقق الخلاف في
كلمة “بيركليت” العبرانية. فإن ترجمتها إلى العربية هي “أحمد”
ولكن النصارى غيروا نطقها إلى “باراكليت” ليكون صفة، لا اسم وأبسط دليل
في الرد عليهم هو أن “بيركليت” تُرجمت في اللغة اليونانية
“بيركلينوس” وأن “باركليت” ترجمت أيضاً فيها
“باركليتوس” وحرف السين في اللغة اليونانية لا يضاف إلاّ إلى الأسماء.””وأن
النصارى أنفسهم وعلماء اللغة يقولون: أن بيركليت هي اسم أحمد. ثم يقول النصارى،
ولكن عيسى بن مريم لم ينطق بيركليت وإنما نطق باركليت. وفاتهم أن حروف المد،
وتشكيل الحروف لم تظهر في اللغة العبرانية إلا في القرن الخامس بعد الميلاد.
وفاتهم أيضاً أن الأوصاف التي ذكرها عيسى عليه السلام للبركليت في إنجيل يوحنا، لا
تشير إلى الإله الثالث كما يقولون.”

 

هذا
بعض مما ذكره الدكتور أحمد حجازي أحمد السقا في كتابه أعلاه. لذلك رأيت أنه من
اللازم أن أكتب موضحاً الأخطاء التي وقع فيها الدكتور في هذا الكتاب، والتي يستند
عليها الكثير من الأخوة المسلمين في هجومهم ضد عقيدة الثالوث التي ينادي بها
المسيحيون.

 

لعل
أفضل بداية يمكن البدء بها هي الرجوع إلى النص الذي ورد فيه ذكر الروح القدس على
فم المسيح عليه السلام، حيث كما يقول الدكتور أحمد السقا، بأنه وجده في إنجيل
يوحنا. ولكن قبل البدء بذلك أود توضيح بعض الأمور التي تخص اللغة اليونانية.

 

الأمر
الأول: في اللغة اليونانية ترد الأسماء في ثلاثة أجناس. فهناك جنس المذكر، وهناك
جنس المؤنث وهناك جنس المحايد والتي يقابلها في اللغة العربية المذكر والمؤنث
والجماد. إلا أن مفهوم الجنس المحايد في اللغة اليونانية أوسع من مفهوم الجماد في
اللغة العربية. فبينما الجماد في اللغة العربية لا يُستخدم إلاّ للإشارة إلى غير
العاقل. نجد أن الجنس المحايد ممكن أن يُشير إلى العاقل، كما هو الحال للمذكر
والمؤنث. وسوف تأتي فائدة هذه المعلومة لاحقاً.

 

الأمر
الثاني: أعتقد بأن هناك سوء فهم للأستاذ أحمد السقا في موضوع اللغة، فهو يخلط بين
اللغة العبرانية واللغة اليونانية، ولست أدري هل هو على علم بأيٍ منها أم لا.

المهم،
إن كلمة “باراكليتوس” هي كلمة يونانية صرفة وليست كلمة عبرية كما قالها
الدكتور أحمد السقا. لا يهم خطأ بسيط وغير مقصود!

 

الأمر
الثالث: لم ترد كلمة “بيركليت” في اللغة العبرانية، ولم يتم ترجمتها إلى
“أحمد” وللقارئ كل الحق للرجوع إلى العهد القديم باللغة العبرية للتأكد
من هذا الأمر. أما ما يصفه الدكتور أحمد بأنه قد تم ترجمته إلى “أحمد”
في اللغة العبرية. فالصحيح أن الكلمة الوحيد التي يمكن ترجمتها إلى
“أحمد” هي كلمة “يهوذا” والتي تعني “أحمد” كما ورد
في قصة أبناء يعقوب عليه السلام في سفر التكوين الفصل 29 والآية 35: وحبلت أيضاً
وولدت ابناً وقالت: هذه المرة “أحمد الربَّ” لذلك دعت اسمه
“يهوذا” ثم توقفت عن الولادة!!.

 

الأمر
الرابع: يقول الدكتور أحمد السقا: بأن حرف السين في اللغة اليونانية لا يضاف إلا
إلى الأسماء. ولا أعرف من أين أتى بهذه المعلومة، فبحسب علمي فإن هناك الكثير من
الأفعال تنتهي بحرف السين وبشكل خاص في الشخص المخاطب. مثل كلمة “أنا أحرر،
أو أحل
louw” حيث هي في الشخص المتكلم، عندما تأتي في الشخص المخاطب
بمعنى “أنت تحل، أو أنت تحرر فهي ترد
loueis” وبالطبع هذه
الحروف بالإنجليزية ولكن اللفظ باليوناني.

 

الآن
يجب أن لا نطيل الموضوع وعلينا بالدخول إلى صلب

الموضوع.
نأتي إلى النصوص التي وردت فيها كلمة “باراكليتوس”

 

النص
الأول: ورد ذكر الروح القدس لأول مرة في إنجيل يوحنا في الفصل السابع: 37 – 39،37
وفي اليوم الأخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا إن عطش أحد فليقبل إليّ
ويشرب.

 

38
من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حيّ.

39
قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه. لان الروح القدس لم يكن
قد أعطي بعد. لان يسوع لم يكن قد مجّد بعد.

في
هذا النص تأتي كلمة الروح في الجنس المحايد، وواضح بأن الكاتب كان يقصد عطية الروح
القدس.

 

النص
الثاني: ثاني إشارة إلى الروح القدس وردت في إنجيل يوحنا 14: 15 – 17، 2615 إن
كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي.

16
وأنا اطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد.

17
روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله لأنه لا يراه ولا يعرفه. وأما انتم
فتعرفونه لأنه ماكث معكم ويكون فيكم.

26
واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الآب باسمي فهو يعلّمكم كل شيء ويذكركم بكل
ما قلته لكم.

هنا
في هذا النص هناك بعض الملاحظات التي ينبغي الإشارة إليها.

 

أولاً:
كلمة “معزياً” هي ترجمة لكلمة “باراكليتوس
parakleitos” والتي يمكن ترجمتها إلى “الشفيع” أو “محامي
الدفاع” أو “المساند” أو “المشجع.” ولكن لم ترد أبداً
بمعنى “أحمد” حيث لم ترد في العهد الجديد سوى في خمسة مقاطع وهي (يوحنا
14: 16، 26؛ يوحنا 15: 26؛ يوحنا 16: 7؛ ورسالة يوحنا الأولى 2: 1)، وفي هذه
المقاطع الخمس لم تُتَرجم ولا مرة بمعنى “أحمد.”

 

ثانياً:
كلمة “آخر” هي ترجمة لكلمة “آلوس
allos
والتي تعني آخر من نفس النوع. وترد كلمة المعزي والآخر بجنس المذكر. هذا يعني أن
المعزي الذي سيرسله الآب سيكون من نفس نوع المسيح.

 

ثالثاً:
أن المعزي الآخر الذي سيرسله الآب بطلب من المسيح سيمكث مع التلاميذ إلى الأبد!
فهل أن محمد كان مع التلاميذ بعد

 

صعود
المسيح إلى الآب؟.

 

رابعاً:
يرد بصريح العبارة بأن المعزي الآخر هذا، هو روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن
يقبله لأنه لا يعرفه؛ وأما التلاميذ فيعرفونه لأنه ماكث معهم وفيهم! فهل أن محمد
عندما نادى بنبوته في مكة أمام قريش، هل كان متخفياً ولم يعرفه أحدٌ من بيته، ولم
يراه العالم آنذاك؟.

 

خامساً:
نحن نعلم بأن محمد جاء باسمه ولم يأتِ باسم المسيح، وهنا نرى بأن المعزي الذي هو
الروح القدس سيرسله الآب باسم المسيح. وما هي مهمته؟ سوف يقوم بتعليم التلاميذ كل
شيء، وسوف يذكرهم بكل ما قاله المسيح لهم بعدما يصعد إلى السماء.

 

النص
الثالث: إنجيل يوحنا 15: 26 – 2726 ومتى جاء المعزي الذي سأرسله انا اليكم من الآب
روح الحق الذي من عند الآب ينبثق فهو يشهد لي. 27 وتشهدون انتم ايضا لانكم معي من
الابتداء.نلاحظ في هذا النص ما يلي: أن المعزي الذي هو روح الحق، سيُرسله المسيح
من الآب، فهنا يشترك الآب مع الإبن في إرسالية الروح القدس المعزي الذي هو روح
الحق. وما هي وظيفته؟ الشهادة عن المسيح، كما ستكون أيضاً وظيفة التلاميذ بعد صعود
المسيح. فإن كان المعزي الذي هو الروح القدس، هو محمد بحسب زعم الدكتور أحمد السقا،
عندها سيكون محمد رسول المسيح وكان عليه أن يشهد للمسيح! وأعتقد بأنه لا يوجد أي
مسلم يقبل هذا الكلام.

 

النص
الرابع: يوحنا 16: 7 – 157 لكني اقول لكم الحق انه خير لكم ان انطلق.لانه ان لم
انطلق لا يأتيكم المعزي.ولكن ان ذهبت ارسله اليكم.8 ومتى جاء ذاك يبكت العالم على
خطية وعلى بر وعلى دينونة.9 اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي.

 

10
واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا.

11
واما على دينونة فلأن رئيس هذا العالم قد دين

12
ان لي أمورا كثيرة ايضا لاقول لكم ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الآن.

13
واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل
ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور آتية.

14
ذاك يمجدني لانه يأخذ مما لي ويخبركم.

15
كل ما للآب هو لي.لهذا قلت انه يأخذ مما لي ويخبركم. لنلاحظ هذه الأمور في هذا
النص: أولاً: هناك تأكيد من المسيح بأنه خيرٌ للتلاميذ أن ينطلق هو ذاهباً إلى
الآب (بعد القيامة من الموت). لأنه إن لم ينطلق لا يأتيهم المعزي. فهنا شرط، وهذا
الشرط هو إن المسيح إن لم ينطلق فإن المعزي لا يأتي. وأظن بأن الطفل الصغير يستطيع
أن يفهم هذه العبارة، وما هي؟ بأن المسيح كان بإمكانه أن يظل حياً إلى هذه اللحظة
التي نحن نتنفس فيها. ولكن لماذا خيرٌ لنا أن ينطلق ليأتي المعزي؟ السبب لأن
المعزي هو الروح القدس، ولأنه روحٌ فهو يتواجد في كل مكان وزمان في آنٍ واحدٍ.

 

ثانياً:
هناك تأكيد مرة أخرى بأن الروح القدس الذي هو المعزي سيرسله المسيح! ثالثاً: عمل
الروح القدس تجاه العالم هو “التبكيت” أي “التوبيخ”، فالروح
القدس سوف يوبخ العالم على خطيتهم وعلى بر الله من ناحية المسيح وعلى دينونة
الشيطان الذي يسميه المسيح “رئيس هذا العالم.” فمن ناحية الخطية، لأنهم
لم يؤمنوا به (قادة اليهود ورؤساء الكهنة ورؤساء الكتبة وكل من لا يؤمن بالمسيح)

 

أما
من ناحية البر، فهو لإظهار بر الله من نحو عمل المسيح. بأن إرسالية المسيح وعمله
الموكل به قد أتمه على أكمل وجه.

أما
من ناحية الدينونة، فهو يُظهر إدانة إبليس الذي كان يحاول إعاقة مخطط الله من نحو
الجنس البشري من جهة الخلاص.

 

رابعاً:
عمل الروح القدس المعزي تجاه التلاميذ، هو توضيح الأمور العسرة الفهم للتلاميذ
التي لم يستطيعوا أن يحتملوا سماعها من المسيح لأنهم لم يكونوا قد نضجوا في
إيمانهم. وأيضاً إرشادهم إلى جميع الحق، وثم إخبارهم بأمورٍ آتية.

 

خامساً:
عمل الروح القدس تجاه المسيح، أن الروح القدس يمجد المسيح، لأنه يأخذ من المسيح
ويوصله بأمانة إلى التلاميذ. فكل ما للآب هو للمسيح، وهكذا الروح القدس المعزي
يأخذ من المسيح ويُخبر التلاميذ. لذلك كل ما يدونه التلاميذ يُعتبر وحياً من الله.

 

الإستنتاج:
كما رأينا في هذه الدراسة السريعة للمعزي الروح القدس، بأنه لا يمكن بأي حالٍ من
الأحوال أن يكون المقصود به محمد نبي المسلمين. للأسباب التي ذُكرت أعلاه.إذاً من
هو الروح القدس وما هي حقيقته؟إنه شخص الله! فقد ذكر المسيح بأن الله روح والذين
يسجدون لله فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا. إنجيل يوحنا 4: 24.وبحسب ما ورد في سفر
أعمال الرسل 5: 3-5 في حادثة حنانيا وسفيرة اللذان باعا حقلاً واختلسا من ثمن
الحقل: “فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح القدس
وتختلس من ثمن الحقل. أليس وهو باقٍ كان يبقى لك؟ ولما بيع ألم يكن في سلطانك؟ فما
بالك وضعت هذا الأمر. أنت لم تكذب على الناس بل على الله.” يتضح بجلاء هذا
الأمرولكن إن كان هو الله فكيف يكون مُرسَلٌ من الله الآب ومن يسوع المسيح بحسب
الآيات السابقة؟هذا هو سر الله الذي أعلنه من خلال يسوع المسيح، بأن الله واحد
ولكن وحدانيته تختلف عن مقاييس البشر!

 

حيث
كما جاء في خاتمة إنجيل متى 28: 18 –2018 فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً. دفع اليّ كل
سلطان في السماء وعلى الارض.

 

19
فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.20 وعلموهم أن
يحفظوا جميع ما أوصيتكم به.وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر.آمينفمن
الواضح أن يسوع قال لتلاميذه أن يعمدوا من يتلمذوا باسم الآب والأبن والروح القدس.
ولم يقل بأسماء!

 

لقد
قبض النبي ولا يعلم الروح!

في
الرد على محمد الحسيني الريس وعلى المدعو الناصح الأمين في سلسلة المقالات بعنوان:
“بشارة أحمد في الإنجيل”

وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ، عن عبد الله بن بريدة قال: لقد قبض النبي وما يعلم الروح.

نعم
أيها المسلمون، فلقد مات نبيكم وهو لم يعرف بعد ما هو الروح، وإني لأتعجب من تطاول
بعضكم على الروح القدس ووصفه بأنه محمد، بالرغم من أن نبيكم نفسه مات وهو جاهل به،
ولم يرو القرآن ظمأه ولا ظمأ المسلمين المتعطشين لمعرفة الحق، بل تركهم حيارى،
يتخبطون من رأي إلى آخر، وفي نهاية المطاف يتطاولون على الكتاب المقدس والوحي
الإلهي الطاهر، ليحاولوا تفسيره للمسيحيين، مع أن القرآن نفسه يأمرهم بسؤال أهل
الكتاب عند شكهم في دينهم، ولم يأمرهم أو يطلب منهم قط، أن يتولوا تفسير التوراة
والإنجيل بأي حال من الأحوال.

 

وفقهاء
الإسلام يؤكدون عجز محمد على الرد على السؤال عن ماهية الروح، فيقول:  روى البخاري
ومسلم والترمذي عن عبدالله قال: بينا أنا مع النبي في حرث وهو متكئ على عسيب إذ مر
اليهود فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح. فقال: ما رابكم إليه؟ وقال بعضهم: لا
يستقبلكم بشيء تكرهونه. فقالوا: سلوه. فسألوه عن الروح فأمسك النبي فلم يرد عليهم
شيئا؛ فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال: “ويسألونك عن
الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا” لفظ البخاري.

 

وفي
مسلم: فأسكت النبي. وفيه: وما أوتوا. وقد اختلف الناس في الروح المسؤول عنه، أي
الروح هو؟ فقيل: هو جبريل؛ قاله قتادة. قال: وكان ابن عباس يكتمه. وقيل هو عيسى.
وقيل القرآن، على ما يأتي بيانه في آخر الشورى.

 

وتنتقل
عدوى الجهل بالروح إلى المسلمين المتفقهين في الدين، فنقرأ التالي: قال القاضي: وقد
اختلف الناس في الروح ما هي اختلافاً لا يكاد يحصر، فقال كثير من أرباب المعاني
وعلم الباطن المتكلمين لا تعرف حقيقته ولا يصح وصفه وهو مما جهل العباد علمه
واستدلوا بقوله تعالى: {قل الروح من أمر ربي} وغلت الفلاسفة فقالت بعدم الروح..،
وقال بعض مشايخنا وغيرهم إنه النفس الداخل والخارج، وقال آخرون هو الدم، هذا ما
نقله القاضي، والأصح عند أصحابنا أن الروح أجسام لطيفة متخللة في البدن فإذا
فارقته مات، قال القاضي: واختلفوا في النفس والروح فقيل هما بمعنى وهما لفظان
لمسمى واحد، وقيل إن النفس هي النفس الداخل والخارج، وقيل هي الدم، وقيل هي الحياة
والله أعلم.

 

وأعود
لأكتب لكل مسلم يخاف الله، أن يحكم في نفسه، هل يليق به أن يدّعي البعض أن محمد هو
روح الحق، وهل الأمور التالية تليق بروح الحق، وإن كان محمد نفسه لم يكن لديه
الوعي الذاتي عن أنه هو روح الحق، فلماذا يحاول البعض لصق الصفات الغريبة عليه به؟
وأود أن أطرح هذه الأمور للحوار:  هذه أكذوبة خطيرة، وهي أن كل نبي تنبأ عن نبي
يأتي بعده، وهذا غير صحيح، وتلفيق وكذب، والحقيقة هي، أن كل التنبؤات اختصت فقط
برب المجد يسوع المسيح، المسيح المنتظر الذي عليه رجاء الأمم.

 

أن
شخصية السيد المسيح، هي الشخصية الجوهرية في كل الكتاب المقدس.

ولقد
عرف اليهود منذ زمان بعيد، أن هناك آيات خاصة بالمسيح المنتظر ولذلك أطلقوا عليها
اسم الآيات المسيانية، أي الخاصة بالمسيح المنتظر.

ومن
أشهرها: ” قال الرب لربي.. هوذا العذراء تحبل وتلد..” وهذا ما يطول شرحه.

 

من
كلمات السيد المسيح عن الروح القدس قال أنه سيمكث مع المسيحيين المؤمنين إلى الأبد،
ولكننا نعرف أن محمد مات ودُفن وقبره في السعودية يشهد على فناءه، فكيف يدّعي
البعض أنه سيمكث إلى الأبد؟ كذلك من ضمن أعمال الروح القدس، أنه يُذّكرنا بكل ما
قال السيد المسيح، ولا نجد في القرآن ولا في الأحاديث أي تركيز يُذكر على أقوال
وأعمال السيد المسيح، بل نجد آيات غامضة مقتضبة لا تروي عطش إنسان يريد أن يعرف عن
المسيح المزيد.

 

لم
يكن لدى محمد أي وعي ذاتي عن كونه “روح الله” الموعود، بل ملابسات ظهور
الوحي في غار حراء، تعطينا لمحة عن الاضطراب والتشويش الذي أصاب الرجل من جراء ما
سمع ورأى، حتى أنه ذهب مرتعشا يسأل امرأته، التي لا نعلم لها دين ولا ملة على وجه
التحديد، والتي أشارت عليه مرة أن يجلس في حجرها وبين فخذيها ثم رفعت عنها غطاء
الرأس، فإذا بالوحي يختفي، وبذلك اطمأن محمد أن الذي يأتيه هو جبريل، وهي طريقة
غريبة لا ندري من أين أتت بها خديجة؟ فهل هذا هو الروح الموعود به من يسوع المسيح،
الذي يشهد الكتاب المقدس أنه على الرغم من أنه ابن داود، إلا أنه أعظم من داود.
نحن نتحدث بأبسط قواعد المنطق!

 

تصرفات
محمد بعد ظهور الوحي لم تدل على اقتناعه المطلق بكونه “النبي الموعود”،
ولا أعود أقول “روح الحق” الموعود، لأن الرجل ذهب إلى شواهق الجبال،
عازما على الانتحار، وذلك ليس مرة واحدة، ولكن عدة مرات متتالية، فهل هذا يليق
بنبي موعود من أعظم شخصية في الوجود، ألا وهي شخصية يسوع المجيد؟ هل يمكن ولو على
سبيل الجدال أن نتخيل أن يسوع صاحب الشخصية المتزنة القوية، أن يتنبأ عن شخص يريد
أن ينتحر، يائسا من رحمة الله؟

 

يقول
البعض أن الآية التي تتحدث عن الموعود بأن كل ما يسمعه يقوله، إنما تدل على محمد،
الذي لم يكن يعرف القراءة والكتابة، وإنما كل ما سمعه من وحي قاله، وأما أنا فأقول
أن المسكين قال فعلا كل ما سمعه، حتى أنه ردد أيضا ما قاله له الشيطان، عن مواضيع
الغرانيق العلى وغيرها من أمور الكفر، ولما فاق إلى نفسه، عاد فأراد تصحيحها، ولكن
بعد فوات الأوان وبعد أن سجلها التاريخ له. فهل يمكن ولو على سبيل الجدال أن نقول
أن يسوع المسيح الذي ترتعب الشياطين من مجرد ذكر اسمه، يمكن أن يتنبأ عن محمد الذي
خدعه الشيطان بهذه السهولة؟

 

وطالما
نحن نتحدث عن الشياطين، فيجب أيضا ذكر حادثة سحر محمد عن طريق أحد اليهود، والتي
من خلالها بقى محمد مسحورا لمدة معينة يُقال أنها سنة كاملة، يأتي بأفعال ولا يعود
يتذكرها، ويتهيأ له فعل أمور لم يأتها، من ضمنها نكاح زوجاته. نعود ونكرر نفس
السؤال لعلكم تتعقلون: هل يمكن أن يسوع المسيح الذي ترتعب منه الشياطين، أن يتنبأ
عن نبي بعده، وقع فريسة سهلة لسحر أحد اليهود، حتى أنه بقى عاما أو أكثر، لا يدري
ماذا يفعل؟ هل يمكن أن يسوع، الذي يقول عنه القرآن أن الشيطان لم يستطع أن ينخسه
كما ينخس كل بني آدم، أن يتنبأ عن محمد الذي لم ينخسه الشيطان عند ولادته كباقي
البشر فحسب، ولكنه تمكن منه أيضا بالسحر وأبقاه تحته سلطانه عاما أو أكثر؟

 

لقد
أخبرنا السيد المسيح أننا سوف نكون في السماء كملائكة الله، لا نزوج ولا نتزوج،
وفجأة يأتي محمد، ليصف لنا نعيم أبدي به نكاح متواصل، وحوريات وغلمان ونساء يعدن
أبكارا بعد كل نكاح، وأنهار خمر وعسل ولبن، وفواكه وأكل وشرب، ولنا أن نتساءل، هل
يمكن ليسوع المسيح، الذي يشهد له القرآن أنه روح الله وكلمته، أن يكذب أو يخدع
أحدا؟ هل يمكن أن يقول اليوم شيئا ثم يتنبأ عن نبي آخر يأتي بعده ليكذبه ويقول
أمورا غير روحية عن ملكوت الله السماوي النقي. هل يمكن أن تدور عجلة الزمان
والروحيات بالعكس.

 

هل
يمكن أن نقبل بتخيلات وأفكار غريبة، لا يقبلها الإنسان السوي العاقل، من جنة نكاح
وشهوات وأكل وشرب؟ لم أقصد بالإنسان السوي العاقل أن الإنسان له أن يتدخل في
الأمور الروحية السماوية ليحدد ما هو المقبول وما هو غير المقبول، ولكن أقول أنه
لا يمكن أن يقول المسيح شيئا ثم يتنبأ عن نبي يأتي بعده ليناقض كلامه، فهذا غير
معقول وغير مقبول.

 

لم
يذكر أحد أن المسيح أخطأ، وحتى في أحد الأحاديث النبوية عن الشفاعة، يذكر الحديث
خطأ لكل نبي، ولكن للمسيح لم يُذكر أي خطأ. فهو حسب القرآن غلاما ذكيا، أي طاهرا
صالحا. في حين يذكر القرآن أن محمد قد قسم الوزر (الإثم والخطية) ظهره، وطلب منه
القرآن، أن يستغفر لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات، ووعده بغفران ما تقدم وما تأخر، وفي
ذلك إشارة واضحة، أنه حتى بعد هذه الآية القرآنية هذه، سوف يقع محمد في الخطية،
حتى أنه محتاج لغفران ما تأخر، أي ما سوف يأتي مؤخرا. فهل يُعقل أن الذي بلا خطية
يسوع المسيح النقي، كلمة الله وروحه، أن يتنبأ عن نبي قسم الوزر ظهره، ومحتاج لمن
يغفر له خطاياه وذنوبه؟ لقد علمنا من السابق، أن نبوة داود كانت عن شخص أعظم من
داود، فلو قبلنا أن يتنبأ يسوع عن شخص بعده، فلابد وأن يكون أعظم منه، وهذا لا
ماذا تعني نجده في أي صفة من صفات محمد بالمقارنة برب المجد يسوع.

 

يعوزنا
الوقت لو أردنا الحديث عن صفات محمد الأخرى، والتي لا تعطي انطباعا عن كونه حتى
نبي، ناهيك عن تعبير “روح الحق”، فقضية أن إلهه حبب له النساء والخيل،
وقضية تكذيبه للأنبياء السابقين، وادعاءه بأنهم حرفوا كتبهم، وهذه صفات لم نجدها
في أي نبي صادق، بل كلهم كانوا في انسجام وتوازن وتناسق عجيب، ولم يشذ عن القاعدة،
إلا محمد.

 

دعونا
نخضع لرب المجد الإله الحي الصادق، والذي سبق فعرّفنا بروحه القدوس مشيئته الطاهرة
في كلمته الصادقة في الكتاب المقدس، لنعرف الحق وليحررنا الحق من كل جهل وكذب
وافتراء، فنحيا واثقين من محبته لنا وخلاصه الأبدي، الذي لا يتحقق إلا بقبول كلمة
الله الحي، يسوع ابن الله القدوس، والذي وعد بالروح القدس الإله الطاهر روح الرب
القدوس، الذي يعمل فينا لمجد يسوع الطاهر. دعونا نقبل رب المجد يسوع، الصادق
الأمين، الأول والآخر، فنرث الحياة الأبدية ونقبل روح الحق القدوس.

لك
المجد يا يسوع لأن من يتبعك لا يسير في الظلمة بل يكون له الحياة الأبدية. آمين.

 

أدعو
كل من يقرأ هذه السطور، أن يفتح قلبه لله تعالى، طالبا منه الإرشاد واليقين القلبي
الإيماني الصادق، ونحن نعلم أن الله يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق
يقبلون، وها هي الفرصة أمام كل أحد، أن يأتي إلى الله ويرجع ويتوب إليه، ويسأله
الغفران، ويقبل الحق المسيحي الصادق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار