علم التاريخ

شخصيات القرن الثامن عشر



شخصيات القرن الثامن عشر

شخصيات
القرن الثامن عشر

أهم
الشخصيات القبطية فى القرن ال 18

المعلم
رزق:

كان
سكرتير الفربخانة (دار سك العملة) المصرية ايام على بك الكبير زعيم المماليك،
ولحسن خلقه وأدائه رقاه على بك الى مدير حساباتها، اذ كانت له دراية بالعلوم
والحسابات وعلوم الفلك، وكانت له شخصية وكان مسموع الكلمة، وكان يجيد اللغات
الاجنبية سيما اللغة الانجليزية فكان مرشدا لم يأتوا مصر من الزوار او العلماء او
السائحين منهم مستر بروسي العالم الجغرافي الذي ساهم في كشف منابع النيل

حدث
ان كان في دمياط تاجر مشهور هو الحاج عمر عبد الوهاب الطرابلسى الذي حدثت بينه
وبين احد التجار المسيحيين شجار انتهى بالسب واللعن كل منها للاخر، فبيت عمر النية
للايذاء بهذا التاجر، فأتى الى القاهرة وتقدم بشكوى الى القاضي بأن هذا التاجر سب
له دينه، فأمر حكم القضاة على حرقه، الا ان كبار الشخصيات القبطية سعوا سعيا حميدا
لدى القضاة وكان على رأسهم المعلم رزق هذا حتى صدر عفو عنه

وفى
نهاية عهد على بك الكبير وقتله على يد محمد بك ابو الذهب عزل المعلم رزق من منصبه،
ويقال أنه قتله وابطل العملة التي ضربت على عهده

 

المعلم
ابراهيم الجوهري:

من
مواليد قليوب في اواسط القرن الثامن عشر، وكان يعمل ابيه في حرفة الخياطة، تعلم
القراءة والكتابة الكنسية في اطار معرفة الكتاب المقدس ثم تعلم من اقاربه صناعة
الكتابة والحساب، وتقلد بذلك أول وظيفة له عند احد المماليك، كان قلبه مفعم
بالايمان ومحبة المسيح، فكان ينفق ربع راتبه في اعمال البر ونسخ الكتب وايقافها
على الكنائس، فكان بين الحين والحين يأتى للبطريرك بكتاب ويسلمه له، فسر منه الاب
البطريرك وباركة ودعا له بالتوفيق في حياته وفى ظروف غير معروفة ترك ابراهيم عمله
لان المماليك كانوا قلبوا بطبعهم، ولما اخبر الاب البطريرك بهذا، طلب الاخير من
رئيس الكتبة الاقباط ان يقبله كاتبا خاصا له، فقبله هذا الرجل، ولما توفى هذا
الكبير اقر رأى الجميع على ان يخلفه تلميذه ابراهيم لما عرف عنه من الاستقامة
وطهارة اليد

صار
ابراهيم الجوهري رئيسا للكتبة، وبلغ اسمى رتبة كان يتطلع اليها قبطي آنذاك فبالغ
في انكار ذاته واظهار تواضعه، وقدم الخير للكل دون تمييز بين مسلم ومسيحي، فوصل
خبره الى الوالي ابراهيم بك فعزز مركزه واكرمه، واختصه بثقته، فلما رأى ابراهيم
الا فرصة ان سانحة امامه ليقدم خدمة لأمته شرع يعمر الكنائس والاماكن الخيرية،
واشترى املاكا كثيرة واوقفها عليها ومازالت وثائقها موجودة الى اليوم

وقد
رزق ابراهيم الجوهري بابن واحد اسماه يوسف واوقف على اسمه وقصته كبيرة الا ان الرب
اختاره الى جواره وهو شاب في مقبل العمر، وكانت وفاته ليلة زفافه اذ وهو في وسط
محبيه الذين دعاهم لليلة الزفاف ان همس احد الخدم في اذنه بوفاة ابنه، فكانت صدمة
له ولزوجته، حتى كادت زوجة تحزن اما هو فكان اكثر تجملا، وكانت الكنيسة تصلى من
اجل تعزيته، فظهرا القديس انطونيوس لزوجته في حلم وعزاها وطلب منها الكف عما تفعله،
فلما اروت الحلم لزوجها تعزيا معا

الا
ان ابراهيم اغلق الدار التي كان قد خصصها للفقيد بما احتوته من منقولات جديدة كان
قد اعدها لبيت الزوجية، وكسر السلم الموصل اليه

لما
أشتد ظلم الواليين ابراهيم بك ومراد بك ارسل السلطان العثماني حسن باشا قبطان
ليقاتلهما، وفعلا انتصر عليهما ولاذا بالفرار الى سعيد مصر، واخطر المعلم ابراهيم
الجوهري الى مرافقتهما، فلما صادر حسن باشا املاكها صادر معها املاك المعلم
ابراهيم وامر بإحصاء ما اوقفة على الكنائس، وبسبب اختلال الاحوال وعدم ائتمان
الناس على اموالهم وارواحهم نتيجة هذه الحرب وظاهرة المصادرات، اختصت زوجة المعلم
ابراهيم في بيت حسن بك لتخذ الدين على بك امين الحساب الذي كان زوجها عليه واثر
كثيرة، الا ان العثمانيين قبضوا عليها وارغموها على ان تخبرهم اين زوجها واين يخبئ
امواله فدلتهم عليها واخرجوها فإذا هي اموال من ذهب وآواني من ذهب وفضة فأخذوها
وباعوها، ووشى بعضهم على مكان المعلم ابراهيم فذهبوا اليه وقبضوا عليه واستولوا حتى
على فراشه وامتعته واثوابه واثوابها الى حسن باشا فباعها بالمزاد الذي ظل لعدة
ايام

الا
انه لما عاد الحكم الى يد ابراهيم بك ومراد بك وعادا من الصعيد رجع معهم المعلم
ابراهيم الجوهري، وكان هو الوحيد من الاقباط الذي نجا من اضطهاد حسن باشا، وتمكن
بحسن سياسته ان يحفظ لنفسه مركزه في اعين المصريين جميعا مسلمين واقباطا، وارتقى
ثانية لدرجة عظيمة واستأنف جهاده في افتقاد الكنائس والفقراء والمساكين حتى انه لم
يكن يعتبر ماله ملكا خاصا به، بل كان يصرفه في كل عمل خيري، وللان توجد كنائس
كثيرة كان قد شيدها هذا الرجل العظيم، كما كان مهتما بأحوال الرهبان الذين كان
يرسل اليهم كل ما كانوا يحتاجونه، ولا يزال الترمس باقيا مما كان يرسله ابراهيم
اليهم في بعض الاديرة، وهذه الكنيسة الكبرى بكل أوقفها في الازبكية تشهد بذلك

من
مآثر هذا الرجل:

تروى
عن هذا الرجل مآثره كثيرة، فحدث ان اخاه المعلم جرجس الجوهري كان يركب حصانه ويسير
في احد الشوارع، فأهانه احد الشيوخ، وشتت الاهانة على نفسه، فشكى لأخيه المعلم
ابراهيم بما حدث له وطلب منه ان يعاقب ذلك الرجل فوعده بذلك، ولما استدل المعلم
ابراهيم على منزل هذا الرجل ارسل اليه كمية كبيرة من الهدايا والأطعمة المختلفة
دون علم اخيه، وافهم الخادم ان يعلم هذا الشيخ ان هذه الهدايا من المعلم ابراهيم
شقيق المعلم جرجس الجوهري، فلما مر المعلم جرجس مرة اخرى على هذا الرجل، انهض
واقفا اجلالا واحتراما له، وابدى الترحيب كله، فتعجب جرجس من هذا وسأل اخاه، فأهمه
ما فعل وقال ” ان جاع عدوك فاطعمه وان عطش فاسقيه، فانك بذلك تجمع حجر نار
على رأسه ” (رو 12: 20)

 وذات
مرة جاءت ليلة عيد واذا بزوجة احد مشاهير المعلمين هو المعلم فانوس الكبير انتها
امرأة وشكت سوء حالها، اذ كان زوجها في السجن واولاده يبكون لعدم وجوده معهم في
هذا اليوم الكبير، وقد يحكم عليه بالاعدام، فأرسلت زوجة المعلم فانوس كل ما تحتاج
العائلات في الاعياد الى بيت هذا الرجل المسجون بل ارسلت من اعلم زوجة بأن تستعد
بكل هذه اللوازم لان زوجها سيكون في بيته الليلة

ولما
جاء المعلم فانوس الى بيته ليلا عيد خروجه من الكنيسة لم يجده مضيئا كالعادة فاند
هش لذلك، بل وجد زوجته حزينه، ولما عرف ما وصلها من ابناء المعلم المسجون وقالت له
زوجة أيليق ان نفرح نحن وتلك الاسرة باكية وعائلها مطروح في السجن، فإن كنت تريد
ان تسعد بالعيد فلتسعى لاطلاق سراحه، فأجاب حي هو اسم الرب ليكن لك ما تريد، وذهب
مسرعا الى المسئولين، وتمكن من استصدار عفو عن الرجل الذي عاد الى بيته لتعود معه
البهجة الى بيته وبيت المعلم فانوس كذلك ولما كان هذا الامر قد استغرق منه طوال
ليلة، فقد استغرق في لأمة ولم يستيقظ كعادته يوم العيد ليقدم التهنئة الى البطريرك
مع المعلم ابراهيم الجوهري، فلما ذهب اليه وعلم منه السبب، حزن جدا كيف لا يشاركه
هذا العمل الجميل وينفرد هو بالاجر وحده ولما حكما البطريرك في الامر قال البطريرك
للعلم ابراهيم: لا تحزن ان كان فانوس قد اطلق سراحه فعليك انت ان توجد له عملا

وبشكل
عام كان ابراهيم الجوهري مثالا للمحبة والعطاء والاحسان، ارسله الله ليكون علامة
في المجتمع المسيحي، كما كان مثالا للاحتمال خصوصا في وفاة وحيده ليلة زفافه،

ومات
المعلم ابراهيم الجوهري سنه 1209 ه فكان لموته رنة اسى وحزن كبير ورثاه كل من
عرفوه من اكليروس وعلمانيين

 

المعلم
جرجس الجوهري:

لما
مات اخوه المعلم ابراهيم الجوهري قلده ابراهيم بك منصبه، فسار على نهجه واقتدى
بشقيقة في كل شئ حتى نال ثقة جميع المصريين، وكان بين الكتبة تحت يده كاتب مسيحي
من اصل سوري يدعى (يوسف كساب) سولت له نفسه الشريرة ان يسعى لدى مخدومها اسماعيل
بك بوشاية ضد المعلم جرجس واتهمه بما هو ليس فيه، ولأن المعلم جرجس كان من اتباع
على بك الكبير خصم اسماعيل هذا، صدق اسماعيل وشاية يوسف، وغضب على المعلم جرجس،
وانزله من درجة الوظيفة وعين بدله رئيسا اخر للدواوين، ولكن بعد فترة ظهر له كذب
يوسف كساب، فأمر باغراقه في النيل واعادة المعلم جرجس الجوهري الى منصبه مرة اخرى

علاقة
جرجس الجوهري بنابليون:

لما
غزت الحملة الفرنسية مصر وانتصر الفرنسيون على المماليك، ووصلوا الى بولاق كلف
المعلم جرجس رئيس المباشرين بأن يعد بيت الألفي لنزول نابليون فيه، مجهزة وفرشة
وأقام فيه نابليون، ومن هنا عرفه نابليون، واهداه جبه مزركشة بالنصب ليلبسها في
ايام التشريفة، ولما سافر نابليون الى السويس متبعا ابراهيم بك استصحب معه بعض
الاعيان والمديرية وفى مقدمتهم المعلم جرجس الذي كان يعتمد عليه في المهام الكبيرة،
كما رافق الفرنساوين هو وبعض اعيان القبط الى الوجه البحري لاقرار الصلح بين
المقاتلين ويذكر المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى انه (لما احتفل الفرنساويون بأحد
اعيادهم دعوا اعيان المصريين كان المعلم جرجس بينهم لابسا ملابس الافتخار، ولما
حدثت الثورة ضد الفرنساوية طلب المعلم جرجس وبعض اعيان الاقباط من مقدمي المسلمين
الامان لأنهم انحصروا في دورهم وهم في وسطهم وخافوا نهب بيوتهم اذا خرجوا فارين،
فأرسل اليهم الامان، وقابلوا الباشا والامراء، واعانوهم بالمال واللوازم) ولما
تولى محمد على باشا الحكم سنه 1805 نال المعلم جرجس الجوهري في عهده المركز الاول،
الا ان الامر انقلب ضده عندما طالبه محمد على بأموال كثيرة، وكان يستحمله في
الوفاء بها، ولما لم يفى بما طلبه منه قبض عليه ومعه بعض المباشرين الاقباط بحجة
انه تأخر عن دفع ما عليه الاموال، وحجزوا في بيت كتخدا، وعين بدله المعلم غالى
الذي كان كاتبا عند الألفي عدو محمد على باشا.

وظل
جرجس مسجونا سبعة ايام وافرج عنه بشرط ان يدفع اربعة آلاف وثمانمائة كيس، فدفع جزء
عظيما منه ووزع الباقي على الكتاب والصيارفة ما عدا المعلم غالى والمعلم فيلوتاؤس،
واخطر جرجس ان يبيع افخر املاكه بجهة الازبكية وقنطرة الدكة وباع لمحمد على كل ما
كان يملك، وقيل انه نفى الى الصعيد بأمر محمد على، وقبل هروبه الى الصعيد جمع كل
حجج املاكه الباقية وسلمها للبطريركية لتنفق من ريعها، فوضعت البطريركية اليد
عليها وظلت في حوزتها، وظل هو منفيا في الصعيد اربع سنوات عفي عنه بعدها ليعود الى
القاهرة المحروسة في سنه 1224 ه، وقابل الباشا فاكرمه وعاد الى بيته بحارة الونديك
وكان المعلم غالى قد جهزه له وظل به الى ان مات سنه 1225 ه ودفن بمصر العتيقة اسفل
كنيسة كان قد بناها هو واخوه باسم مارجرجس وله صورة عليها وهو يلعب على الناي الذي
كان يجيد الترتيل عليه

 

المعلم
ملطى:

كان
كاتبا عند ايوب بك الدفتردار من مماليك محمد بك ابو الذهب، ولما احتل الفرنسيون
مصر كونوا ديوانا للنظر في القضايا العامة، وكان المعلم ملطى رئيسا لهذا الديوان
بموافقة اعضائه مسلمين ومسيحيين، وذلك لما امتاز به هذا الرجل واستمر المعلم ملطى
يدير الديوان مدة حكم الفرنسيين، وبعد خروجهم قبض عليه وقطعت رآسة عند باب زويلة

 

المعلم
انطون ابو طاقية:

كان
من اغنياء الاقباط، ومن الشخصيات الكبيرة التي زارها نابليون 1799م وكان نابليون
وقتها في حاجه الى الاموال، فنزع المعلم انطون طاقيته من فوق رأسه واخذ يملاها
بالمال ويعطيها لنابليون حتى استوفى ولذلك سمى بآبي طاقبه وارتفعت مقدرته عند
نابليون فولاه وظائف كبيرة قام بها خير قيام، الا انه رفع كثيرا من الاموال
والضرائب عن الأهالي، فلم يرضى الفرنسيون بهذا فقبضوا عليه وسجنوه في القلعة حتى
يدفع ما تأخر من حساب البلاد، فدفعة من ماله الخاص في الحال، لما ترك الفرنساويون
مصر قبض عليه محمد باشا ابو مرق مع اثنين من كبار الاقباط هما المعلم ابراهيم
زيدان والمعلم عبد الله بركات وقتلهم سنه 1802م وامر ببيع مالهم في المزاد فوجد
عند المعلم انطون كثيرا من ثياب واقمشة هندية نفسيه وامتعة ومصاغ وجواهر، وآواني
من ذهب ومن فضه وكثيرا من العبيد والجواري فاسمر سوق المزاد عدة ايام

وفى
سنه 1853 سافر المعلم ابراهيم عوض حفيده الى فرنسا ليطالب بالمال الذي استولى عليه
نابليون من جده، فرد عليه امبراطور فرنسا آنذاك وكان نابليون الثالث: ان هذا المال
قد فرض على الاقباط فدفعة عنهم ابو طاقية، ولكي يطيب خاطره دفع له أجر نفقات رحلتة
وقدرها 4500 ليرة فرنسية،

 

المعلم
(الجنرال) يعقوب

نبغ
من المصريين في القرن الثامن هذا الرجل القبطي الذي استحق ان تخصص له صفحات في
التاريخ المصري الحديث، وهو يعقوب يوحنا، الذي لقب بالمعلم ثم بالجنرال يعقوب

ولد
يعقوب في ملوي وكانت تابعة اداريا لاسيوط، سنه 1745م من ابوين قبطيين هما يوحنا
ومريم ابنة توفيق غزال، وتعلم في الكتاتيب القبطية الملحقة بالكنائس حيث لم يكن
موجودا غيرها، حيث تعلم القراءة والكتابة والحساب، كما حفظ المزامير والالحان
الكنيسة كغيرة من ابناء الاقباط

ولما
امتد به العمر واصل تعليمه فيما بعد الكتاب، فتعلم اللغة العربية واجاد الخط
العربي، والاصول الحسابية على يد الصيارفة القبط، وجعل يتطلع لجمع المعارف العامة،
ولما اتم يعقوب العقد الثاني من عمره، الحقه والده كاتبا عند احد اقربائه من
المستقلين بجباية اموال احد المماليك الذين كانوا يتقا سمون حكم البلاد في ذلك
العصر، وهنا بدأت مواهبه تظهر، واكتسب كثيرا من المعلومات الادارية والحسابية

ولما
طرد على بك الكبير محمد باشا الحاكم العثماني من القاهرة وتولى حكم البلاد قرب
اليه المماليك الآخرين بالانعام عليهم برتبه البكوية، فالتحق في ذلك الوقت يعقوب
بخدمة احد هؤلاء المماليك وهو سليمان اغا الإنكشاري، وكان غنيا امتلك الكثير، ولم
يمض وقت طويل حتى انسى سليمان بك في يعقوب الامانة والمقدرة، فأولاه ثقته وعينه
مديرا على ملاكه

وكان
عمله جباية الضرائب والرسوم الجمركية وجمع ايجارات الأراضي الزراعية

صفات
يعقوب:

الى
جانب ما تقدم احرز يعقوب صفات عسكرية متميزة من تعامله مع المماليك، وكان المماليك
ذوى بأس وقدرة عسكرية متفوقة خصوصا في الفروسية والشجاعة واستعمال السلاح، وميلهم
للحروب والقتال، فتعلم يعقوب منهم هذه الصفات كركوب الخيل والتعامل بالسلاح

وكانت
كفاءته المالية والادارية سببها في توليه مناصب جمع منها اموالا طائلة، حتى اصبح
غنيا له خدم وحشم ومستخدمين واتباع وعبيد فحصل على لقب (المعلم) وهو لقب كان يعطى
في مصر في تلك الايام للدلالة على الشرف والزعامة والجاه، كما كان يحمله من كان
لديه نصاب كبير من المال والاملاك او يبرز في صناعة معينة

زواجه:

تزوج
يعقوب وهو في الخامسة والعشرين من عمره بزوجته الاولى وكانت تسمى (مختارة الطويل)
وهى ابنة عمه، وكان تاجرا ثريا من ملوي، رزق منها طفلا ومات ولحقته هي الاخرى بعد
اصابتها بالطاعون , وبعد مضى اثنتي عشرة سنه بعد وفاتها تزوج باخرى سورية من حلب
تدعى (مريم نعمة الله البابوتجى) وقد بارك الاب البطريرك الانبا يؤانس 18 هذا
الزواج لانه لم يكن قد كتب به عقد لأن الزواج كان شفويا

المعلم
يعقوب والحملة الفرنسية:

لما
وصلت الحملة الفرنسية مصر عام1798 واستقر بونابرت في القاهرة، قدم اليه المعلم
جرجس الجوهري، وكان عميد الاقباط في ذلك الوقت، وقدم طائفة من شباب الاقباط فعين
منهم نابليون رؤساء للمالية في بعض المديريات، اما يعقوب فأحتفظ به هو لما هو اهم
من ذلك، فلما لجأ المماليك الى الصعيد ذكر بونابرت في القضاء عليهم بحمله قادها
الفرنسي (ديزييه)، وكانت هذه الحمله بحاجة الى رجل امين يجمع في شخصه الصفات
العسكرية والادارية وله خبرة تامة بالبلاد في الصعيد، فلم يجد خيرا من المعلم
يعقوب فعينه مديرا عاما لهذه الحملة

وبالفعل
جهز يعقوب للحملة المؤن والذخائر وأمن لها الطرق والمواصلات، ورتب حركاتها ونظم
شئونها المالية والادارية، ونجحت الحملة بمساعدته فكانت ليعقوب كلمته المسموعة في
الشئون المالية والادارية في مصر كلها، وكان ذا سياسة كبيرة في جباية الضرائب

ولما
غادر نابليون البلاد الى فرنسا وسلم قيادة الحملة لكليبر اوصى بجعل يعقوب ساعده
الايمن وعدم الاستغناء عنه، واتخذ يعقوب ادارته في بيت البارودى، وبعد انتصار
كليبر في معركة عين شمس على الاتراك في عام 1800، واخماده ثورة القاهرة الثانية
وفرضة غرامات كبيرة على الثوار المصريين عهد الى يعقوب بتحصيلها، فاستعمل الحكمة
في ذلك ولم يرهق الأهالي في جمعها

الفليق
القبطي:

لما
رأى يعقوب ان مصر محرومة من جيش وطني يمكن الاعتماد عليه في الاحداث الكبيرة، فكر
في تأليف فرقة قبطية، ورخص له الفرنسيون بذلك، فجمعها من شباب الصعيد وبلغ عددهم
نحو الفين ودربهم ضباط فرنسيون على الحركات العسكرية

ولما
دبرت مكيدة لقتل الاقباط نظير هذه الاعمال والتأليف مع الفرنسيين، وجه يعقوب
اهتمامه للدفاع عن اخوانه اقباط القاهرة، فبدأ يهدم بعض البيوت التي خربت في
الحوادث الاخيرة، وبنى بأنقاضها سورا عاليا منيعا حول الحي الذي جمع الاقباط فيه،
وشيد ابراجا فوقه داخل السور، وعمل في السور بوابتين، ورتب جنديين قبطيين يقفان
على كل باب بالسلاح على اكتافها لمنع كل من يحاول الدخول، فاصبح المكان حصينا،
وتمكن يعقوب بذلك من دفع خطر: كان يحلق بالاقباط ولما عين الجنرال مينو بعد كليبر
الذي قتله سليمان الحلبي، وجد ان ايرادات الدولة قد نقصت وان الادارة في حاجة الى
أموال، ففرضت ضرائب جديدة الا انها لم تفى بالمطلوب حيث كانت المشروعات قد استعجلت
وحاجة الجيش زادت، فاضطر مينو ان يعقد قرضا بمليون ونصف من الفرنكات وفاوض المعلم
يعقوب في ذلك، فاتفق يعقوب مع اربعة من زملائه الاقباط هم: المعلم جرجس الجوهري،
والمعلم انطون ابو طاقية وفلتاؤوس وملطى على ان يقدم كل منهم 300 الف فرنك وقدموها
فعلا على ان تخصم من الضرائب المطلوبة فيما بعد وتسلموا سندات بقيمتها على الخزانة
الفرنسيه

يعقوب
في نظر الفرنسيين:

كان
يعقوب محل اعتبار لدى الفرنسيين فبعد انتصاره في الصعيد اعطى مكافأة واهداه
الفرنسيون سبقا فخريا منقوشا عليه (معركة عين القوصية) اعترافا بفضله فيها في 24
ديسمبر 1798 م كما اهداه نابليون عباوة من الفرو

ولما
الف الفيلق القبطي رقاه كليبر الى رتبة كولونيل في مايو 1800م ثم الى رتبة جنرال
(لوار) سنه 1801 م، وبهذا عاش يعقوب عيشة مرفهة، فركب الخيول وكانت له حراسته
الخاصة وكانت له الأراضي والمزارع والعبيد والاماء

نهاية
يعقوب:

لما
انهزمت القوة الفرنسية امام الجيوش البريطانية في 1801م في معركة ابى قير وانتهى
الامر بابرام اتفاقية العريش 1801 م على ان يخلى الفرنسيون مصر، وخرجوا فعلا ولم
يكن يعقوب موطنا نفسه على هذا، فبعد ان حسب حسبته ووجد انه سيطارد هو واهله، دعا
زملاءه القدماء جرجس الجوهري وابو طاقية وفلتاؤس وملطى وكاشفهم بعزمة على مصاحبة
الحملة المنسحبة لانه لا يستطيع العيش بعد ذلك في مصر فوافقوه وسلموه سندات السلفة
كي يستردها من فرنسا عندما يصل الى هناك

وقد
طلب الوالي العثماني من الفرنسيين ان يتركوة في مصر فرفض، وابحرت بهم البارجة في
10 اغسطس 1801 م، الا انه بعد يومين من الابحار في البحر المتوسط الى فرنسا اصيب
يعقوب بمرض مفاجئ ظل يعانى منه اربعة ايام ومات، فاحتفظوا بحثته حتى دخلت الباخرة
الى فرنسا حيث دفن هناك

يعقوب
القبطي الوطني:

كانت
امجد صفحات حياة يعقوب هو محاولاته من اجل استقلال مصر، فكان يتحدث قبل مرضه على
ظهر السفينة مع قبطانها جوزيف ادموندس، وكان حديثه سريا حفره سكرتيره لاسكاريس،
ولما توفى يعقوب تولى لاسكاريس تدوين ما قاله واذا به مشروع الاستقلال ونوع
الحكومة الوطنية، وطلب من القومندان ان يبلغها للحكومة الانجليزية، كما انه ارسل
الى نابليون مذكرة بامضاء (غر أفندي) بالنيابة عن الوفد المصري ومذكرة اخرى الى
وزير خارجية فرنسا يطلب معاونته في الحصول لمصر على استقلالها من حكم لا هو عثماني
ولا هو مملوكي، وانما هو فزنج من مسؤى الفوضى والعنف والاسراف ولا خير فيه للحكومة

 وقد
اعترفت المحافل العلمية والتاريخية في مصر بجهد هذا الرجل في هذا المجال السياسي
الفريد قبل ان يفكر فيه مصري اخر مسلم او مسيحي، وقد نشرت هذه المذكرات نشرا علميا
بمعرفة هذه الجهات العلمية

ملاحظات
على المعلم (الجنرال يعقوب)

قيل
ان العلاقة بينه وبين الاب البطريرك لم تكن كما يجب، وذلك بسبب زواجه من امرأة من
غير جنسه بطريقة مخالفه لقومة في الزي والعادات ولذلك لم تتمكن من الاشتراك في الميراث
بعد موته، وربما يكون القول مردود لاننا رأينا انه اخذ بركة البابا على زواجه الا
انه ربما تكون غير ارثوذكسية مما جعل الكنيسة غير راضية عنها , وممن خرجوا مع
الفرنسيين معه من الجنود كان يعقوب بقطر واسمه اليأس بقطر صاحب القاموس الفرنسي
العربي الشهير، والبعض يقول انه ابن اخ يعقوب ولد في اسيوط 1784 وعينه نابليون
مترجما لجيشه، وبعد هجرته الى فرنسا نال مركزا علميا ساميا فى فرنسا، حيث وضع
القاموس المشار اليه

وقبل
ان الاقباط الذين هاجروا الى فرنسا اضاعوا جنسيتهم هناك ولم يبق لأسماء اسراتهم
اثر يذكر ومنهم الكولونيل مكاريوس حنين والكولونيل غبريال سيداروس والكولونيل حنا
هرقل والقومندان عبد الله منصور

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار