علم الكتاب المقدس

الكتاب المقدس صادق فى نبؤاتة



الكتاب المقدس صادق فى نبؤاتة

الكتاب المقدس صادق
فى نبؤاتة

أولاً
– مقدمة

 1 –
تعريف بالنبوة

 2 –
فحوص النبوة الصادقة

 3 –
الاعتراض على النبوات

ثانياً
– نبوات تحققت عن:

 1 –
صور

 2 –
صيدون

 3 –
السامرة

 4 –
غزة وأشقلون

 5 –
موآب وعمون

 6 –
البتراء وآدوم

 7 –
طيبة وممفيس

 8 –
نينوى

 9 –
بابل

 10 –
كورزين وبيت صيدا وكفر ناحوم

 11 –
اتساع أورشليم

 12 –
فلسطين

ثالثاً
– الاحتمالات النبوية

 الإحتمالات
النبوية

 

 نهدف
إلى ذكر نبوّات جغرافية وتاريخية تحققت، مما يُظهر صحَّة نبوَّة قائلها، بالرغم من
أن تحقيقها كان مستحيلاً. ومن النادر أن يجد الباحث فرصة لمثل هذه الدراسة
الممتعة، ولكن عند الدرس والبحث نرى أن يد اللّه كانت على كتف أولئك الأنبياء
عندما أعلنوا رسالة اللّه لسامعيهم. فالنبوات تُظهر أن اللّه كليّ العلم وكليّ
القدرة، كما أنها برهان على وحي الكتب المقدسة. ولقد قسّمنا النبوّات التي نقدمها
إلى اثني عشر قسماً، في كل قسم منها نبوة خاصة ببلد أو أمة. غير أننا قدّمنا لهذا
الفصل بمقدمة عامة تساعد على متابعة البحث.

 

وهاك
ملخصاً يساعد على متابعة ما جاء في هذا الفصل:

أولاً
– مقدمة:

1-
تعريف بالنبوَّة:

 قدّمت
دائرة المعارف البريطانية التعريف الآتي: “السجلات المدوَّنة للنبوَّة
العبرية في سفر إشعياء توضّح أن معنى النبوة الأساسي هو الكلمة أو الرسالة الشفوية
التي يعلن فيها رسول خاص من اللّه إرادة اللّه. أما العنصر النبوي في التهديد أو
المواعيد فهو مشروط باستجابة السامعين (18: 1-20)، أو آية تحدُث في المستقبل (14:
7) لأن كل ما يحدث يتمم مقاصد إرادة اللّه”. ثم تمضي دائرة المعارف ذاتها
لتقول: “ويضع إشعياء أهمية خاصة على إبراز أوجه الفرق بين آلهة بابل وبين
يهوه، في أن يهوه ينفّذ ما سبق أن أنبأ به (3: 48). فنبوات الأنبياء هي إعلان
لمقاصد اللّه الحي، أكثر منها لمصير الإنسان” (37).

 أما
التعريف الكتابي للنبي فهو أنه الشخص الذي يعلن إرادة اللّه، والمستقبل، للشعب،
كما يرشده الوحي الإلهي. وعلاوة على أنه ينادي بالقضاء على الخطأ، والدفاع عن الحق
والبر، والشهادة لسمو الأخلاق على الطقوس الشكلية، فإن النبوّة وثيقة الارتباط
بمقاصد نعمة اللّه من نحو شعبه (ميخا 4: 5،20: 7، إشعياء 3: 60، 25: 65).

 ويهدف
النبي إلى جوار إعلان الآتيات، أن يعلن صفات اللّه وما يعمله، حسب مسرة مشيئته.
وباختصار هو يعرِّف الناس باللّه وبإرادته وعمله.

 ولكل
نبي أسلوبه الخاص في الإعلان.. ومع أن الطابع الشخصي لكل واحدٍ منهم باقٍ، إلا أن
ما يعلنونه هو الحق الواحد، بفضل سيطرة الروح القدس الكاملة!

 ويظن
البعض أن كل ما يفعله النبي هو الإخبار بالمستقبل، وهذا حق. ولكن كانت رسالة النبي
تشمل الإصلاح الاجتماعي والسياسي، عن طريق الكرازة بالبرّ والنهضة الروحية، مع
إعلان القصاص للمخطئ والجزاء للمحسن. وقد تكلّم الأنبياء بطريقة روحية تعكس إرادة
اللّه وتطالب بالطاعة له.

 ولم
تكن إعلانات الأنبياء للإثارة، لكنهم أعلنوها بسبب الأحوال التي كانت تحيط بهم
(قارن تثنية 22: 18). وفي كل أصحاح ينبئ بالخراب نجد السبب الذي جاء بهذا الخراب.

 وترجع
النبوة الأولى في الكتاب إلى عصر آدم وحواء، عندما جاء الوعد بالفداء في التكوين
(15: 3 و16). وكان أخنوخ وإبراهيم وموسى من الأنبياء الأولين (العدد 6: 12-8،
التثنية 18: 18، يوحنا 14: 6، 40: 7).

 والنبوة
مصدرها اللّه (1 صموئيل 9: 9، 2 صموئيل 11: 24).

 ويوضح
الكتاب أن التنبُّؤ بالمستقبل علامة على قوة اللّه ومجده، وبرهان على سموّ كلامه،
كما أنه استجابة اللّه لصلوات البشر واحتياجاتهم، لأنه لمّا كان اللّه يعلن
المستقبل (العمل الذي يعجز البشر عن عمله)، ولمّا كان يرى المستقبل قبل وقوعه، فإن
كل مؤمن يجب أن يطمئن لأنه لا يحدث شيء لم يعيّنه اللّه! (38).

2-
فحوص النبوة الصادقة:

 حدثت
في التاريخ الكتابي منازعات حول “مَن هو النبي الصادق؟” (الملوك الأول
18: 13-22، أصحاح 22، إرميا 28). وكان حل النزاع عملياً أكثر منه أكاديمياً، فإن
هناك صفات تظهر النبي الكاذب من الصادق.

 ومن
صفات النبي الكاذب “النشوة الصوفية النبوية” وهي حالة تظهر بدون إنذار
سابق وفي حالات خاصة، خصوصا بعد سماع نوع خاص من الموسيقى. وقد ظهر مع مثل هذه
الحالات خروج عن الشعور، مع ضياع الإحساس. ولكن ليست هذه الصفة فصلاً في الحكم على
النبي الكاذب، رغم أنها ظهرت على أنبياء البعل الكنعانيين.. فإن النبي إشعياء (في
رؤياه في الهيكل) وحزقيال النبي اختبرا ما نسميه “نشوة صوفية”.

 وهناك
صفة أخرى للنبي الكاذب، أنه عادة مأجور من الملك “ليتنبأ” بما يريده
الملك. لكن هذه الصفة أيضاً ليست فصلاً في الحكم على النبي الكاذب، فإن الأنبياء
صموئيل وناثان وحتى عاموس، كانوا يُعتبرون لحدٍّ ما أنبياء رسميين للدولة، ولكنهم
كانوا أنبياء صادقين.

 ولكن
العهد القديم يقدّم لنا ثلاث فقرات كتابية هي التثنية 13، 18، إرميا 23، وحزقيال
21: 12 إلى 11: 14، تصف النبي الكاذب.

 أما
التثنية 18 فيقول إن النبوة التي لا تتحقق، هي كاذبة. ولكن هذه الصفة سلبية، فليس
كل نبوة تتحقق هي من اللّه، فإن النبي الكاذب عندما يقول شيئاً يتحقق يكون هذا
امتحاناً للشعب. أما التثنية 13 فيقول إن النبي الذي ينادي بآلهة أخرى خلاف اللّه
فهو ليس من اللّه (يهوه). وكل نبي يتنبأ بنبوة تتحقق، ولكن تعليمه يخالف تعاليم
موسى يكون كاذباً!

 أما
ما جاء في ارميا 23 فهو توسّع في الحديث الذي جاء في التثنية 13، عندما يقول إرميا
إن النبي الكاذب هو رجل فاسق (آيات 10 – 14) يقود الآخرين للشر (آية 17). وهو ينادي
بسلام مزيَّف غير إلهي. والنبي الحقيقي يجيء برسالة توبيخ تسبب التوبة (آية 29)
ويدعو الناس للتوبة والطاعة (آية 22).

 ويُخطئ
بعض الناس في انتقاد الأنبياء لأن رسالتهم كلها إعلان للخراب، لكن إعلان الخراب لم
يكن كل شيء قالوه! صحيح أنهم لم ينادوا أولاً بالسلام الحقيقي، لأن سلام اللّه
يجيء نتيجة للقداسة والبر والتوبة. ويقول إرميا النبي إن النبي الكاذب يسرق اسم
اللّه لكي يمجّد نفسه (آيات 30 – 32) ولكن النبي الصادق هو الذي أرسله يهوه، وهو
الذي يتكلم باسم يهوه وبسلطانه.

 أما
حزقيال فيقول (21: 12 – 11: 14) إن الأنبياء الكذبة جاءوا من تلقاء ذواتهم وينادون
بنبوَّات من عندهم (2: 13 و3) ويعطون الناس تأكيدات كاذبة (4: 13-7). والسلام الذي
يعلنونه سلام كاذب (10: 13-16) لا يبنون حياة الناس الروحية (22: 13). أما النبي
الصادق فيدعو الناس إلى فحص نفوسهم ليروا مطالب اللّه منهم (4: 14-8). وهو الذي
يعلِن بأسلوب جديد الحقائق الإلهية التي لا تتبدل ولا تتغيَّر.

3-
الاعتراض على النبوات:

 الاعتراف
الأساسي هو القول بأن تسجيل النبوة وكتابتها حدث بعد وقوعها وليس قبلها. ولذلك
فإننا نقدم هنا تواريخ نبوّة الأنبياء كما قدّمها “مرل أنجر” في قاموسه،
وقد استمدَّ حكمه من واقع ما جاء في النبوات نفسها، خصوصاً عندما يسجِّل النبي
نبوّته. يوئيل وعوبديا وحدهما لا يحددان تاريخاً لنبوتيهما.

 حزقيال
تنبأ من 592 – 570 ق م

 إشعياء
783 – 738 (القسم الأول)

 735
– 719 (القسم الثاني)

 719
– 704 (القسم الثالث)

 ارميا
626 إلى ما بعد 586 ق م

 عاموس
الربع الثاني من القرن الثامن ق م

 هوشع
748 – 690 ق م

 ميخا
نحو 738 – 690 ق م

 عوبديا
قبل 300 ق م

 ناحوم
بعد 661 إلى ما قبل 612 ق م

 صفنيا
بين 640 – 621 ق م

 اللاويين
(موسى) 1520 – 1400 ق م

 يوئيل
قبل 300 ق م

 دانيال
605 – 538 ق م

 متى
50 م

 وقد
تمت ترجمة كل نبوات العهد القديم إلى اللغة اليونانية حوالي عام 280 ق.م. (الترجمة
المعروفة بالسبعينية). وعلى هذا فإن كل النبوات، بما فيها يوئيل وعوبديا، قد كُتبت
قبل هذا التاريخ.

 ونود
أن نورد بعض الحقائق عن نبوة حزقيال، حيث أننا سنقتبس منها كثيراً في هذا الفصل.
وتعود كتابة السفر إلى سنة 570 ق.م. ولنبدأ بإيراد ما قالته دائرة المعارف
البريطانية عنه:

 “توجد
أفكار متنوعة عن وحدة سِفْر حزقيال وتاريخ كتابته. ولكن السِّفْر يوضّح أن خدمة
النبي امتدت من 592 إلى 570 ق.م.، ولكن واحداً من العلماء (جيمس سميث) يقول إنه
تنبأ في القرن السابع ق.م. في أيام الملك منسّا. وآخر (ميسيل) يقول إنه تنبأ بعد
زمن نحميا حوالي عام 400 ق.م. لكن معظم العلماء يقبلون التاريخ الأول. وقد وُجدت
نُسَخ من السفر في مخطوطات البحر الميت بوادي قمران.

 وتتضح
الوحدة الأدبية للسفر من تكرار عبارة “فيعرفون أني أنا الرب” أكثر من
خمسين مرة، وعبارة “حيّ أنا يقول السيد الرب” 13 مرة، وعبارة
“سبوتي” 12 مرة، “يسلكون في شرائعي” 11 مرة.. الخ (39).

 ولقد
حدث هجوم شديد على صحة نبوة حزقيال التاريخية بسبب قوله إن اللّه كلّمه في
“السنة الخامسة من سَبْي يوياكين الملك”. ولكن الحفريات الحديثة جاءت في
صف هذا التاريخ. فقد وُجدت ثلاث جرار مكتوب عليها “الياقيم وكيل
يوياكين”.. مما يدل على أن ألياقيم كان وكيلاً لممتلكات يوياكين أثناء وجود
يوياكين في السبي، ومن الواضح أن الشعب كان يعتَبِر أن يوياكين هو ملك يهوذا، وأن
صدقيا كان يملك كقائمقام يوياكين إبن أخيه. ومن هذا نرى أن كلمات حزقيال في تاريخ
سفره صحيحة ومناسبة للفكر اليهودي في وقته، الذي اعتبر يوياكين ملكاً، رغم أنه كان
في منفاه (40). ونخلص من هذا أن قوله “السنة الخامسة من سبي يوياكين
الملك” برهان على صحة السفر التاريخية، وليست (كما قال النقّاد) هجوماً ضدها.

 ويرى
دارسو الأدب القديم أن سفر حزقيال وحدة أدبية، تتضح من وحدة أسلوب كاتبه، ووحدة
خطه الفكري، فإن الكاتب يكتب بضمير المتكلم، وهو يعطي زمن كثير من نبواته ومكان
حدوثها، مما يبرهن أن السفر كله من نتاج قلم كاتب واحد. وهذا يجعلنا نقول إن
حزقيال هو الكاتب (41).

 وقد
قال بيتر ستونر في كتابه “العلم يتكلم” إن النبوات التي جاءت في الكتاب
عن البلاد المختلفة مثل صور وصيدون والسامرة وغزة وأشقلون وغيرها، لا يمكن أن تكون
قد كُتبت بعد حدوثها، فإن الفترة الزمنية التي مضت بين الكتابة والتحقيق كبيرة.
لقد قيل إن ما جاء في النبوات هو تاريخ عن أشياء حدثت، وليس نبوة بأشياء ستحدث،
ولكن هذه النبوات جاءت قبل ميلاد المسيح، لأنها في العهد القديم. وقد تحققت نبوة
كاملة منها، وأجزاء فقط من اثنتين منها قبل ميلاد المسيح، ولكن الباقي كلّه تحقق
بعد الميلاد. وحتى لو أسقطنا ما تحقق قبل الميلاد، فإن العدد الذي تحقق بعد
الميلاد كثير جداً (42).

 وقد
راجَعَتْ كتاب ستونر لجنة من كبار علماء “الجمعية العلمية الأمريكية”
وكتب أحدهم مقدمته، فقال إن المعلومات الواردة به صحيحة علمياً، وإن الحسابات
الواردة فيه قد أُجريت طبقاً للنظريات العلمية الصحيحة (42).

 ولو
أننا طرحنا النبوات التي فيها شك من جهة تاريخها، وجعلنا الشك في جانب رفضها، لبقي
الكثير المُذهِل بعد ذلك!

 والحقيقة
إن الذين يشكّون في صدق النبوات يفعلون ذلك لأنهم لا يؤمنون بوجود اللّه، ولذلك
فالمعجزات عندهم مستحيلة، ومن ثَم لا توجد نبوات عن المستقبل، ولذلك فإنهم عندما
يقرأون أقوال النبي ويرون أنها قد تحققت في زمن بعد النبي بكثير، فإنهم يزعمون أن
النبوة قيلت بعد وقوع الحادث، وليس لأنهم درسوا الحفريات والاكتشافات الأركيولوجية
الحديثة التي تقدّم أدلّة دامغة على صدق هذه النبوات.

ثانياً
– نبوَّات تحققت

 سنقدم
هنا نبوات جاءت في الكتاب المقدس، مع تعليقات عن تاريخية كل نبوة منها، حتى تتضح
لنا دقة تلك النبوات. وعندما ندرسها نبوة بعد نبوة، ونراها كلها تتحقق بصورة
مذهلة، سينزاح الشك الذي قد يكون خامرنا، وينقشع.

 ويقول
أحد علماء الحفريات: “هناك مشاكل في التوفيق بين الحفريات والتاريخ الكتابي،
لكنها ليست خطيرة. وأعتقد أنها ستنجلي بعد الاكتشافات الجارية. ولكن الاتفاقات بين
اكتشافات علم الآثار والكتاب المقدس كثيرة جداً، ولا يوجد اكتشاف منها يجعلنا نشك
في صحة التاريخ الكتابي” (43).

 وقد
أطلِقت أعيرة نارية كثيرة ضد الكتاب المقدس، وهنا نطلق إثنتي عشرة قذيفة في صف
الكتاب، عبارة عن اثنتي عشرة نبوة كتابية تحققت. وهي قذائف عالية، طويلة المدى،
يصعب إسكاتها!

1-
صُور

 من
أغرب النبوات الكتابية التي تحققت تلك التي وردت عن مدينة صور. وتستعمِل كل كتب
الدفاع عن المسيحية هذه النبوة، ولها الحق في ذلك.

وهاك
كلمات النبي حزقيال 26: (592 – 570 ق.م.).

3
لذلك هكذا قال السيد الرب: “هأنذا عليكِ يا صور، فأُصعِدُ عليكِ أمما كثيرة،
كما يُعلّي البحرُ أمواجه”.

4
“فيخربون أسوار صور، ويهدمون أبراجها، وأَسْحِي تُرابَها عنها، وأصيِّرها
ضِحَّ الصَّخْرِ”.

5
“فتصير مَبْسطاً للشِّباك في البحر، لأني أنا تكلَّمتُ، يقول السيد
الرب”.

7
لأنه هكذا قال السيد الرب: “هأنذا أجلب على صور نبوخذ نصّر ملك بابل من
الشمال، ملك الملوك، بخيل وبمركبات وبفرسان، وجماعة وشعب كثير”.

8
“فيقتل بناتك في الحقل بالسيف، ويبني عليك معاقل، ويبني عليكِ برجاً، ويقيم
عليك مترسة، ويرفع عليك ترساً”.

12
“وينهبون ثروتك، ويغنمون تجارتك، ويهدُّون أسوارك، ويهدمون بيوتك البهيجة،
ويضعون حجارتك وخشبك وترابك في وسط المياه”.

14
“وأصيِّرك كضِحَّ الصخر فتكونين مَبْسَطاً للشِّباك. لا تُبْنَيْن بعد، لأني
أنا الرب تكلمتُ” يقول السيد الرب.

21
“أصيِّرك أهوالاً ولا تكونين، وتُطلَبين فلا تُوجَدين بعْدُ إلى الأبد”
يقول السيد الرب.

 في
هذه النبوة نرى الحقائق الآتية عن مدينة صور:

 1-
يخرب الملك نبوخذ نصر، ملك بابل، مدينة صور (آيتا 7،8).

 2-
تقوم دول كثيرة على صور (آية 3).

 3-
تصير صور صخرة عارية (ضِحّ الصخر) (آية 4).

 4-
يبسط الصيادون شباكهم لتجفّ، على موقعها (آيتا 5،14).

 5-
يُلقون أنقاضها في الماء (آية 12).

 6-
لن تُبنى صور أبداً (آية 14).

 7-
لا تُوجد صور بعد إلى الأبد (آية 21).

 والنبوة
كما نراها واضحة، وقد تبدو متناقضة، ولكن التاريخ لا تناقض فيه، فلندرس تاريخ صور
لنرى كيف تحققت النبوة.

تحقيق
النبوة:

 1-
توضح نبوة حزقيال (خصوصاً 27: 27) أهمية مدينة صور وتجارتها وثروتها. وقد حاصر
نبوخذ نصر ملك بابل صور، بعد نبوة حزقيال بثلاث سنوات. وتقول دائرة المعارف
البريطانية أنه بعد حصار دام 13 سنة (585 – 573 ق.م.) استسلمت صور للملك نبوخذ نصر
الثاني وقبلت شروطه. وفي سنة 538 ق.م. كانت صور وكل فينيقية قد أصبحت تحت السيادة
الفارسية (37).

 وعندما
اقتحم نبوخذ نصر أبواب صور، وجد المدينة خالية تقريبا، فقد هجرها سكانها بالسفن
إلى جزيرة تبعد نصف ميل عن الشاطئ وحصنوا مدينة هناك. وأُخربت صور سنة 573. ولكن
المدينة الجديدة في الجزيرة بقيت قوية وعمّرت عدة قرون – (وهكذا تحققت نبوة حزقيال
8: 26).

 2-
بعد ذلك جاء الاسكندر الأكبر. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن الاسكندر الأكبر
في حربه ضد فارس، بعد أن هزم داريوس الثالث في موقعة أسوس (333 ق.م.) اتجه جنوباً
نحو مصر، داعياً المدن الفينيقية لتفتح له أبوابها حتى لا تستخدم سفن الجيش
الفارسي موانيها. ولكن أهل صور رفضوا طلبه، فحاصر الاسكندر مدينتهم. ولما لم تكن
لديه سفن فقد أخرب المدينة الأصلية وألقى بأنقاضها في الماء، جاعلاً منها طريقاً
عرضه 60 متراً، وصل به إلى المدينة الجديدة في الجزيرة، وبنى قلاعاً وآلات حرب
(37).

 (وهكذا
تحققت نبوة حزقيال 12: 26).

 أخذ
نبوخذ نصر المدينة الأصلية وترك المدينة الجديدة، ولكن الاسكندر أخذ الاثنتين، رغم
صعوبة أخذ الثانية المحاطة بالمياه وبالأسوار الحصينة. ومع أن الأسطول الفارسي كان
يحميها، إلا أن الاسكندر صنع طريقاً في البحر من أنقاض صور. ولم يكن هذا الهجوم
سهلاً، فقد كان الصوريون يهاجمون العمال الذين يرمون الأنقاض في البحر. فبنى
اليونانيون بُرجَين عاليين لحماية العمال. وكان اليونانيون كلما تقدموا في العمل
وجدوا البحر يزيد عُمقاً. وأحرق الصوريون الأبراج التي بناها اليونانيون، وعطلوا
تقدُّم الغزاة، وعزلوا جزءاً من الجيش عن البقية، وكانت الخسائر جسيمة جداً. ورأى
الاسكندر شدة حاجته إلى السفن، فجعل أهل البلاد التي هزمها يساعدونه في صناعة سفن
الحرب، فقدَّمَتْ له صيدا وأرفاد وبيبلوس نحو 80 سفينة، وعشراً من رودس، وثلاثاً
من سولي ومالوس، وعشراً من ليكية، وواحدة كبيرة من مكدونية، و120 من قبرص (وهكذا
تحققت نبوة حزقيال 3: 26).

 وعندما
حصل الاسكندر على السفن، وتقدَّم بناء الطريق في البحر، عرف أن انتصاره على صور
أكيد. وقد كان!

 ولا
تزال الطريق التي صنعها الاسكندر موجودة، تربط الجزيرة بالأرض. وبعد حصار دام سبعة
شهور سقطت صور، وقتل ثمانية آلاف من سكانها وبيع ثلاثون ألفاً في سوق العبيد (44).
وكان الاسكندر قد تكلّف الكثير في غزو صور، وملأه الحقد على أهلها، فتصرف بكل قسوة
لينتقم منهم، فأخرب المدينة تماما عام 332 ق.م: “وقد قامت صور الجديدة من
عثارها بعد ذلك، لكنها لم ترجع أبداً إلى مكانتها في العالم. والجزء الأكبر من
موقع المدينة اليوم صخرة عارية يجفّف عليها الصيادون شباكهم” (44) – (وهكذا
تحققت نبوة حزقيال 5: 26 و14).

 ولم
يتوقف تاريخ صور بعد الاسكندر، فقد بُنيت وهُدمت عدة مرات ولكنها أُخربت بعد 16
قرناً ولم تُبْنَ بعد ذلك أبداً!

 3-
وبعد ذلك جاء أنتيجونس بعد أن انتصر على بابل، واستولى على المدن الفينيقية، ولكنه
قُوبل بمقاومة شديدة من صور. وكانت قد مضت ثماني عشرة سنة على استيلاء الاسكندر
عليها. وحاصر أنتيجونس صور 15 شهراً فسقطت وأخربها. ويرجع تاريخ أنتيجونس إلى سنة
314 ق.م.

 4-
وجاءت كارثة أخرى على صور في عهد بطليموس فيلادلفوس (285 247 ق.م.) الذي بنى ميناء
برنيس على البحر الأحمر، وربط مجرى النيل بخليج السويس، فتحوَّل مجرى التجارة
إليه، بعد أن كان يمرّ بخليج العقبة إلى ميناء إيلات، ومنها إلى البتراء، ومن
ثَمَّ إلى مواني البحر الأبيض المتوسط لتحمله سفن صور. وكانت هذه ضربة قاسية على
تجارة صور، إذ خسرت تجارتها لتربحها الإسكندرية.

 5-
ولكن المدينة استردت بعض غناها. ويصف زائر للمدينة سنة 1047م حالتها فيقول:
“لقد بنوا جزءاً صغيراً من المدينة لا يزيد عن 100 ياردة فقط على صخرة في
البحر، أمّا معظم المدينة فيقع فوق المياه. أما الحيطان فمبنية من الحجارة
المنحوتة، تغطي الفواصل بينها بالبيتومين ليعزل الماء. وترتفع البيوت إلى خمسة أو
ستة طوابق. وهناك نافورات للمياه، والأسواق نظيفة، وعلامات الغِنَى في كل مكان.
وهي مدينة مشهورة بثروتها بين كل الموانئ الفينيقيّة. وقد أقاموا
“المشهد” عند مدخل المدينة حيث الطنافس الثمينة والثريات الذهبية
والفضية. وهم يجلبون الماء اللازم لهم من الجبل” (45).

 6-
وقد استولى المسلمون على المدينة، وحاربهم الصليبيون وأخذوها، ولكن المسلمين
استعادوها. ويقول أحد المؤرخين: “بعد أخذ بتولمايس وإخرابها، أرسل السلطان
أحد الأمراء مع فرقة من جيشه لأخذ صور، فملأ الرعب قلوب أهلها ففتحوا الأبواب بدون
أي مقاومة، فذُبح بعض سكانها وبيع الآخرون عبيداً. وهُدمت المعابد والأسواق،
وأُبيد كل شيء بالسيف أو بالحريق” (46).

 وقد
عاد المسلمون واستولوا على المدينة عام 1291 وأخربوها تماماً. وقد زار ابن بطوطة
خرائب المدينة سنة 1355، وكتب ما ترجمته (عن الانكليزية): “كانت المدينة
قبلاً مضرب الأمثال في قوّتها، تغسلها مياه البحر من ثلاثة جوانب. ولم يبق اليوم
سوى آثار من أسوارها ومينائها، مع سلسلة كانت في مدخل الميناء” (47).

 (وهكذا
تحققت نبوة حزقيال 14: 26).

 وكان
بلني الكبير قد كتب يقول: “صور معروفة بأنها أم المدن، لأنها ولدت من حولها
مدن لبتس ويوتيكا. وهي تنافس روما وقرطجنة وكادز”. ولكن شهرتها اليوم تقوم
على أصداف بحرية وصبغة أرجوانية (47).

 (وهكذا
تحققت نبوة حزقيال 21: 26).

 7-
ونعود للوصف الحالي لصور كما تقدمه نينا جدجيان، في كتابها الذي أصدرته دار المشرق
ببيروت “صور عبر العصور”، تقول: “لا زال القسم الصيدوني من صور
مستعملاً اليوم، وهناك سفن صغيرة للصيد، ولكن فحص الأساس يظهر أعمدة جرانيتية من
العصر الروماني استعملها الصليبيون لتدعيم الأسوار. وصار الميناء اليوم ملجأ لسفن
الصيد الصغيرة، ومكاناً لتجفيف الشِّباك.. وهناك مدينة اليوم إسمها صور، لكنها
ليست صور القديمة، لأنها مبنية على موقع آخر غير صور القديمة. إن صور سيدة البحار
ومركز العالم التجاري لعدة قرون قد انتهت إلى غير رجعة! لقد بسط الصيادون شباكهم
على أحجارها التاريخية العظيمة.. إن أحجار صور توجد اليوم في بيروت وعقرون، ولكن
الحفريات أظهرت عظمة هذا الميناء الفينيقي، فإن صور القديمة العظيمة قد سقطت تحت
الركام، ولا يوجد منها فوق سطح الأرض سوى بعض الأعمدة المتناثرة وأنقاض برج
الكاتدرائية المسيحية. وعندما يتطلع الواحد منا تحت الماء يرى أعمدة الجرانيت
الضخمة والأحجار الملقاة في قاع البحر. وحطام صور فوق الماء قليل” (47).

 (وهكذا
تحققت نبوة حزقيال 12: 26).

ومن
هذا نرى بوضوح

 1- أخرب
نبوخذ نصر مدينة صور الأصلية القديمة.

 2-
قامت أمم كثيرة ضد صور، إذ هاجمتها جيوش بعد جيوش في عصور متوالية، وهو ما ترمي
إليه النبوة (3: 26-6).

 3-
جعل الاسكندر الأكبر المدينة القديمة صخرة عارية رمى حجارتها وخشبها وحتى ترابها
في الماء.. لقد صارت صخرة جرداء!

 4-
تكررت الإشارة إلى أن الصيادين بسطوا شباكهم على حجارتها لتجف!

 5-
رمى الاسكندر الأكبر أنقاض المدينة ليعمل طريقا في الماء!

 وهكذا
تحققت حرفياً نبوة حزقيال 12: 26 “يهدمون أسوارك، ويهدمون بيوتك البهيجة،
ويضعون حجارتك وخشبك وترابك في وسط المياه”.

 6-
ولم تقم للمدينة قائمة بعد ذلك! لقد هُدمت مدن كثيرة وأُعيد بناؤها، ولكن يهودياً
مسبياً في بابل قال عن صور بأمر من اللّه: “لا تُبْنَيْن بعد” فبقيت صور
صخرة جرداء منذ خمسة وعشرين قرناً. وعندما يريد أحد اليوم أن يعرف موقع صور، فإنهم
يشيرون إلى مكان عارٍ!

 ولا
زالت الينابيع التي كانت تروي صور القديمة موجودة، وكلها تصب في البحر! وتعطي نحو
عشرة ملايين جالون من الماء يومياً، وتكفي لإعاشة مدينة كبيرة، ومع ذلك فإن صور لم
تُبْنَ! ولكن بعض الصيادين البسطاء يسكنونها اليوم ويبسطون شباكهم في موقعها
تحقيقاً للنبوة، ولكنها لم ترتفع أبداً لمكانتها الأولى.

 ويقول
ستونر: “لقد نظر حزقيال إلى صور في أيامه، عظيمة بالغة قمة العظمة، وتنبأ
عليها سبع نبوات. وحسب الحكمة البشرية تكون نسبة صحَّة نبواته، لو أنها كانت
بالصدفة، فرصة واحدة من 75 مليون فرصة!! ولكن نبواته كلها تحققت بكل
تفاصيلها” (42).

2-
صيدون

 قدّم
النبي حزقيال النبوة التالية على صيدون، زميلة صور، سنة 592 – 570 ق.م.:

حزقيال
28:

22
هكذا قال السيد الرب: “هأنذا عليك يا صيدون، وسأتمجد في وسطك، فيعلمون أني
أنا الرب، حين أُجري فيها أحكاما وأتقدَّس فيها.

23
وأرسل عليها وبأ ودماً إلى أزقَّتها، ويسقط الجرحى في وسطها بالسيف الذي عليها من
كل جانب، فيعلمون أني أنا الرب”.

في
هذه النبوة نرى الحقائق الآتية عن مدينة صيدون:

 1-
لا ذكر لخرابها.

 2-
دماء في شوارعها (آية 23).

 3-
السيف عليها من كل جانب (آية 23).

 ويقول
جورج ديفس في كتابه “نبوات تحققت تبرهن صحة الكتاب المقدس”: “تختلف
النبوات التي جاءت عن صور عن تلك التي جاءت عن صيدون، فصور تُخرب لتكون صخرة جرداء
لا تُبنى، أما صيدون فجاء عنها أن الدم يسيل في شوارعها، وأن جرحاها يسقطون وسطها،
ويلاحقها السيف من كل جانب.. ولكنها لا تخرب” (48).

 لقد
كان مصير صور وصيدون السياسي واحداً، فمن القرن الحادي عشر إلى القرن الرابع ق.م.
قبضت صور – بدون منازع من صيدون – على زمام السلطة في كل فينيقية، ونشر أسطولها
التجاري شهرتها في كل الآفاق (44) فكانت سيدة وملكة البحر المتوسط. وفي القرن
الرابع (سنة 351 ق.م.) ثار الصيدونيون على ملك فارس الذي كانوا خاضعين له،
وحصَّنوا مدينتهم ضده بنجاح. ولكن ملكهم سلَّم المدينة، لينقذ حياته. ولما كان
الصيدونيون يعرفون انتقام الملك الفارسي، فقد اختبأ أربعون ألفاً منهم في بيوتهم
ثم أشعلوا فيها النار، لأن هذا الانتحار عندهم كان أسهل من تعذيب الفارسيين. وهكذا
كانت الدماء في شوارعها. (وتحقّقت نبوة حزقيال 23: 28). وفي مرات عديدة سالت
الدماء في شوارعها، وجاء عليها السيف من كل جانب (48).

 ومع
أن صيدون أخربت عدة مرات، إلا أن أهلها أعادوا بناءها. ويسكنها اليوم حوالي 25
ألفا. سالت الدماء فيها مراراً، ولكنها بقيت قائمة حتى اليوم. وفي أثناء الحروب
الصليبية وقعت في أيدي الصليبيين ثلاث مرات، واستردها المسلمون ثلاث مرات. وفي
العصور الحديثة كانت موضوع نزاع بين الأتراك والدروز، ثم بين الأتراك والفرنسيين،
وفي سنة 1840 م اشتركت أساطيل بريطانيا وفرنسا وتركيا في ضربِها (48).

 لقد
كان تاريخ صيدون تاريخ الدم والحرب، لكنها بقيت إلى اليوم!

ومن
هذا نرى بوضوح:

 لم
يكن عقل بشري منذ 2500 سنة يعقل أن صور ستنتهي وأن صيدون ستبقى وتجوز الأهوال، فقد
كان الأقرب للحكمة البشرية أن يحدث العكس!

 إن
نبوة حزقيال اليوم تشبه من يتحدّث عن لوس أنجلوس وسان فرنسيسكو. أيهما تسقط وأيهما
تبقى، أو هل تسقطان. أو هل تقومان؟ ولكن حزقيال بروح النبوة قال إن صور ستسقط وإن
صيدون ستمرّ بتاريخ دموي، وهكذا كان!

3-
السامرة

 تنبأ
النبيان هوشع وميخا ضد السامرة، قالا:

هوشع
13:

16
” تُجازى السامرة لأنها تمردت على إلهها. بالسيف يسقطون. ُتحطَّم أطفالهم،
والحوامل تُشَقُّ”.

ميخا
1:

6
“فأجعل السامرة خربة في البرية، مغارس للكروم. وألقي حجارتها إلى الوادي،
وأكشف أسُسَها”.

وفي
هذه النبوة نرى الحقائق الآتية عن السامرة:

 1-
تسقط السامرة بعنف (هوشع).

 2-
تصبح كومة خراب في البرية (ميخا).

 3-
تُزرع الكروم في موقعها (ميخا).

 4-
تُرمى حجارتها في الوادي (ميخا).

 5-
تُكشف أساساتها (ميخا).

 وتاريخ
السامرة قصير نسبياً وعاصف جداً، فقد كانت عاصمة المملكة اليهودية الشمالية
(إسرائيل) وفيها حدث الارتداد عن عبادة يهوه. وقد حاصر شلمنأصر السامرة، وأكمل
سرجون الحصار واستولى على المدينة عام 722 ق.م.، ثم استولى عليها الاسكندر عام 331
ق.م.، ثم استولى عليها جون هيركانوس عام 120 ق.م. وقد أحدث كل من الغزاة الثلاثة
الخراب في المدينة وقُتل الكثيرون من سكانها (وهكذا تحققت النبوة رقم 1).

 يقول
أحد المؤرخين سنة 1697 إن سابستا هي السامرة القديمة، وقد صارت الآن مزارع للكروم،
ولم يبقَ فيها سوى بعض الأعمدة في الجزء الشمالي لتنبئ عن مكان السامرة القديمة
التي كانت عاصمة لعشرة أسباط من اليهود، بعد انفصالهم عن حكم عائلة الملك داود!
أمّا في الجزء الشرقي فأطلال كنيسة كبيرة. ولا يزال تل “سابستا” خصباً
مزروعاً بالكروم والتين والزيتون. ولما كانت الأرض تُحرَث باستمرار، فمن الصعب
العثور على أُسس وحجارة المدينة القديمة. (وهكذا تحققت النبوتان رقم 2، 3).

 أما
تحقيق النبوتين 4، 5 فتقرأه في وصف زائر لها يقول: “السامرة كومة كبيرة من
الأحجار. حُرثت شوارعها وتغطت بحقول القمح وأشجار الزيتون. لقد أُخربت المدينة،
لكن أحجارها أُلقيت في الوادي. وقد اكتُشفت الأحجار القديمة الرمادية لقصور عمري
وأخاب ملقاة على جوانب التل!” (49).

 واليوم
نرى قمة التل، حيث كانت السامرة، مزروعاً. ونرى وسط الزراعة أساسات الأعمدة التي
تبيّن موقع القصور القديمة، أما أسفل التل، في الوادي، فأننا نجد بقية أحجار
أساسات المدينة! (وهكذا تحققت النبوتان 4، 5).

ومن
هذا نرى بوضوح:

 يقول
جون أركهارت: “لقد وقع الخراب على السامرة، وتحقق التنبؤ الذي طالما ضحك منه
سامعون. لقد أخذ المزارعون أحجار المدينة العظيمة وكوَّموها معاً أو رموها في
الوادي حتى يهيئوا موقع السامرة للزراعة” (48).

 ويقول
ستونر: “لو أن ميخا تنبأ هذه النبوات الخمس عن السامرة، بحكمته البشرية لكانت
نسبة نجاحه واحداً × 4 (فرصة التنبؤ بالخراب) × 5 (فرصة أن تصبح كومة) × 100 (فرصة
أن يُزرع مكانها بالكروم) × 10 (فرصة أن تُرمى حجارتها في الوادي) × 2 (فرصة كشف
أساساتها) – أي فرصة واحدة من أربعين ألف فرصة!” (42).

 لقد
وقع الخراب على السامرة، وتحققت النبوة ضدها، لأنها عبدت الوثن، وارتدت عن عبادة
الإله الحقيقي.

4-
غزة وأشقلون

 غزة
وأشقلون مدينتان على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، غربي البحر الميت، وقد جاء ذكرهما
في النبوات.

 عاموس
1: (775 – 750 ق.م.).

8
“وأقطع الساكن من أشدود، وماسك القضيب من اشقلون، وأردّ يدي على عقرون، فتهلك
بقية الفلسطينيين” قال السيد الرب.

إرميا
47: (626 – 586 ق.م.)

5-
“أتى الصُّلْعُ على غزة. أُهلِكت أشقلونُ مع بقية وطائهم. حتى متى تَخْمِشِين
نفسك؟”.

صفنيا
2: (640 – 621 ق.م.).

4
“لأن غزة تكون متروكة، واشقلون للخراب. أشدود عند الظهيرة يطردونها، وعقرون
تُستأصَل”.

6
“ويكون ساحل بحر مرعى، بآبارٍ للرعاة وحظائر للغنم”.

7
“ويكون الساحل لبقية بيت يهوذا، عليه يرعون. في بيوت أشقلون عند المساء
يربُضون. لأن الرب إلههم يتعهدهم ويردُّ سبيهم”.

 ملحوظة:
أشدود مدينة أخرى غير أشقلون، على بعد عشرة أميال شمال أشقلون، وتقع على الشاطئ
أيضاً.

وفي
هذه النبوة نرى الحقائق التالية:

 1-
الفلسطينيون لن يستمروا (عاموس 8: 1).

 2-
سيجيء الصُّلع إلى غزة (إرميا 5: 47).

 3-
سيجيء الخراب على أشقلون (صفنيا 4: 3).

 4-
تكون منطقة أشقلون للرعي (صفنيا 6: 2).

 5-
بقية بيت يهوذا يسكنون أشقلون (صفنيا 7: 2).

 يقول
جورج ديفس في كتابه “نبوات الكتاب تتحقق اليوم”: “لقد جاء القضاء
على الفلسطينيين كما قالت النبوات، فقد أخرب السلطان بيبرس أشقلون عام 1270 م وملأ
ميناءها بالأحجار. ومنذ ذلك التاريخ، لنحو 700 سنة، خربت أشقلون المدينة التي كانت
عظيمة ناجحة” (50). (وهكذا تحققت النبوة رقم 3).

 ويضيف
بيتر ستونر: “ومنذ أخربها السلطان بيبرس عام 1270 م صارت أرض رعي، وعلى
موقعها اليوم أكواخ ومراع” (42). (وهكذا تحققت النبوة رقم 4).

 ويمضي
جورج ديفس ليقول: “ولم تُخرب أشقلون فقط، لكن كل الدولة الفلسطينية قُطعت كما
تنبأ النبي حزقيال منذ 2500 سنة، حتى أنه لا يوجد فلسطيني واحد حي في العالم
اليوم” (50) (المقصود بكلمة فلسطيني هنا: الشعب الذي كان يسكن في فلسطين وقت
إعلان نبوة حزقيال 15: 25-17، منذ 2500 سنة)” (وهكذا تحققت النبوة رقم 1).

 ويقول
فلويد هاملتون: “كانت في أشقلون كتيبة تركية حتى القرن السابع عشر، لكن منذ
ذلك الوقت هُجرت أشقلون. وتوجد اليوم أجزاء من سورها وقلاعها الحربية. وهي الوحيدة
في مدن ذلك السهل التي بقي جزء من سورها!” (51) – (وهذا تحقيق للنبوة رقم 3).

 ويقول
هاملتون عن تحقيق النبوة الخامسة: “لا زالت بعض حيطان البيوت قائمة. ولو أن
الموقع كله مهجور. حتى الذين زرعوا الحدائق داخل الأسوار يسكنون بعيداً
عنها”.

 ويصف
جورج ديفس الموقع الآن فيقول: “عندما جاء اليهود إلى المكان قرروا أن يجعلوا
أشقلون مدينة حدائق، باسم “جاردن سيتي” وهكذا تحقق قول النبي: “في
أشقلون عند المساء يربُضون” (نبوة رقم 5)

 أما
مدينة غزة فلها تاريخ أعجب، ويقول بيتر ستونر، “توجد مدينة اليوم باسم غزة،
ولذلك ظن كثيرون أن هذه النبوة عن غزة نبوة خاطئة. ثم حدثت دراسة دقيقة لموقع غزة
كما جاء في الكتاب المقدس، فظهر أن غزة الحديثة ليست على موقع غزة القديمة. وتمت
الحفريات في موضع المدينة القديمة فوُجدت المدينة مدفونة تحت الرمال. لقد صارت
فعلاً صلعاء! فأي وصف تعطيه لمدينة مدفونة تحت كثبان الرمال، أفضل من أنها صارت
صلعاء؟!” (42) – (وهكذا تحققت النبوة رقم 2).

 ويعلّق
جون أوركهات على اختفاء غزة فيقول: “لقد ظهر أن غزة القديمة دُفنت تحت الرمال
تماماً، وأن المدينة الحديثة لن تُبْنَ على الموقع القديم. أما غزة الفلسطينيين
القديمة فهي على بعد ميلين من الشاطئ، وهي الآن مجموعة تلال رملية. وهي
“صلعاء” حتى لا يظهر حجر أو عمود للدلالة على المدينة القديمة، والعين
لا ترى فيها حتى ورقة نبات أخضر!” (49).

ومن
هذا نرى بوضوح:

 يقول
بيتر ستونر: “الاحتمالات البشرية في تحقيق هذه النبوات هي واحد × 5 (أن
الفلسطينيين يختفون) × 100 (أن تغطي الرمال غزة) × 5 (أن أشقلون تُخرب) × 5 (أن
تكون أشقلون أرض رعي).. أو أن فرصة تحقيق النبوة هي فرصة واحدة من 12 ألف
فرصة!” (42).

5-
موآب وعمون

 موآب
وعمون مملكتان صغيرتان شرقي البحر الميت، وتقع عمون إلى شمال موآب. وقد وقعتا تحت
العقاب الإلهي.

حزقيال
25: (592 – 570 ق.م.)

3
“وقُلْ لبني عمون: إسمعوا كلام السيد الرب. هكذا قال السيد الرب: من أجل أنك
قلتِ “هه!” على مقدسي، لأنه تنجس، وعلى أرض إسرائيل لأنها خَربت، وعلى
بيت يهوذا لأنهم ذهبوا إلى السبي.

4
فلذلك هأنذا أسلمكِ لبني المشرق مِلْكاً، فيقيمون صِيَرَهم فيكِ، ويجعلون مساكنهم
فيكِ. هم يأكلون غلتكِ، وهم يشربون لبنكِ”.

 إرميا
48: (266 – 568 ق.م.).

47
“ولكنني أرد سبي موآب في آخر الأيام، يقول الرب”.

إرميا
49:

6
“ثم بعد ذلك أردُّ سبي عمون، يقول الرب”.

في
هذه النبوات نرى الحقائق التالية:

 1-
سيأخذ بنو المشرق البلاد، ويسلبون غلَّتها (حزقيال 4: 25).

 2-
سيأخذ بنو المشرق بلاد عمون ويبنون مساكنهم فيها (حزقيال 4: 25).

 3-
أهل موآب وعمون الاصليون سيستعيدون أرضهم

 (إرميا
47: 48، 6: 49).

 ولندرس
تاريخ هذه البلاد وهذه النبوات ماثلة في أذهاننا. يقول هوارد فوس: “إن دراسة
طبوغرافية هذه البلاد تُظهر طبيعتها الجبلية الحصينة، وتوضح لنا كيف أرسل بعشا العموني
جيشاً من عشرة آلاف مقاتل إلى كارجار سنة 354 ق.م. ليحارب شلمنأصر ملك أشور. وقد
كانت تلك الدولة في قمة غناها وقوتها وقت أن قال إرميا إن ربة عمون (العاصمة)
ستصير خراباً، حتى إن سامعي نبوّته لا بد شكّوا في احتمال تحقيقها” (52).

 ويوضح
فوس كيف تحققت النبوتان 1، 2 عندما بنى الأمير عبد اللّه حاكم شرق الأردن قصره
هناك، وهكذا بنى بنو المشرق مساكنهم في العاصمة ربة. واليوم يسكن “عمون”
عشرون ألفاً، (1931)، وهي تقع على خط سكة حديد دمشق – الحجاز. وقد زاد عدد السكان
زيادة كبيرة، خصوصاً لو عرفنا أن عددهم سنة 1920 كان بضع مئات فقط! (52).

 ويصف
فوس كيف أن بني المشرق “يرثون” اليوم موآب فعلاً. ولكن الوقت سيجيء
عندما تتحقق نبوة ارميا عن استعادة موآب وعمون الأصليون لأرضهم. إن عمان عاصمة شرق
الأردن هي ربة بني عمون القديمة التي استولى عليها يوآب قائد جيش الملك داود. ومنذ
بضع سنوات كان عدد سكانها مئات فقط. ويُحتمل أن السكان الحاليين ليسوا هم أحفاد
السكان الأصليين (52).

 ويقول
بيتر ستونر إن فرصة تحقيق هذه النبوات هي فرصة واحدة من خمس في أن بني المشرق
يستولون عليها، وفرصة من عشر أن يبنوا قصورهم فيها، وفرصة من عشرين في أن يعود الموآبيون
والعمونيون إليها. أي أن تحقيق هذه كلها له فرصة من ألف فرصة (42).

6-
البتراء وأدوم

 أدوم
دولة جنوب شرق البحر الميت، عاصمتها البتراء. ولا بد أنها كانت شريرة فعلاً حتى أن
ستة أنبياء تكلموا ضدها هم: إشعياء، إرميا، حزقيال، يوئيل، عاموس، عوبديا.

 والنبوات
ضد أدوم كثيرة ودقيقة، ولا توجد عندنا فسحة كافية من الصفحات لمعالجتها، ولكننا
نقدم هنا بعضها:

إشعياء
34: (783 – 704 ق.م.).

6
“للربِّ سيفٌ قد امتلأ دماً اطَّلى بشحمٍ، بدم خرافٍ وتيوس، بشَحم كُلَى
كباش. لأن للرب ذبيحةً في بصرة، وذبحاً عظيماً في أرض أدوم.

7
ويسقط البقر الوحشيُّ معها، والعجول مع الثيران، وتُرْوَى أرضهم من الدم، وترابهم
من الشحم يُسَمَّن.

10
ليلاً ونهاراً لا تنطفئ. إلى الأبد يصعد دخانها، من دور إلى دور تُخرَب. إلى أبد
الآبدين لا يكون من يجتاز فيها.

13
ويَطلَع في قصورها الشوك. القريصُ والعوسج في حصونها. فتكون مسكناً للذئاب، وداراً
لبنات النعام.

14
وتلاقي وحوشُ القفر بنات آوى، ومَعْزُ الوحش يدعو صاحبه. هناك يستقر الليل، ويجد
لنفسه محلاً.

15
هناك تُحْجِرُ النَّكَّازة (نوع من الحيَّات) وتبيض وتُفرِخ وتربّي تحت ظلها.
وهناك تجتمع الشواهين بعضها ببعض”.

إرميا
49: (626 – 586 ق.م.).

17
وتصير أدوم عَجَباً لكل مارٍّ بها، يتعجَّب ويَصْفِر بسبب كل ضرباتها.

18
كانقلاب سدوم وعمورة ومجاوراتهما يقول الرب، لا يسكن هناك إنسان، ولا يتغرَّب فيها
ابن آدم.

حزقيال
25: (592 – 570 ق.م.).

13
لذلك هكذا قال السيد الرب: “وأمدُّ يدي على أدوم، وأقطع منها الإنسان
والحيوان. وأصيِّرهم خراباً من التيمن، وإلى ددان يسقطون بالسيف.

14
وأجعل نقمتي في أدوم بيد شعبي إسرائيل، فيفعلون بأدوم كغضبي وكسخطي، فيعرفون
نقمتي” يقول السيد الرب.

حزقيال
35:

5
“لأنه كانت لكَ بُغضة أبدية، ودَفَعْتَ بني إسرائيل إلى يد السيف في وقت
مصيبتهم، وقتِ إثم النهاية.

6
لذلك، حيُّ أنا يقول السيد الرب، إني أهيئكَ للدم، والدمُ يتبعكَ، إذْ لم تكره
الدَّم، فالدمُ يتبعُك.

7
فأجعل جبل سعير خراباً ومقفراً، وأستأصل منه الذاهب والآئب”!

في
هذه النبوات نرى الحقائق التالية:

 1-
أدوم تصير خرابا (إشعياء 13: 34).

 2-
لن تُسكن للأبد (إرميا 18: 49).

 3-
يهزمها الوثنيون (حزقيال 14: 25).

 4-
تهزمها إسرائيل (حزقيال 14: 25).

 5-
تاريخها دموي (حزقيال 5: 35 و6، إشعياء 6: 34 و7).

 6-
تخرب أدوم حتى مدينة التيمن (حزقيال 13: 25).

 7-
تسكنها الحيوانات المتوحشة (إشعياء 13: 34 – 15).

 8-
تتوقف تجارتها (حزقيال 7: 35، إشعياء 10: 34).

 9-
يتعجب الناظرون إليها (ارميا 17: 49).

 وهذه
النبوات المخيفة عن أدوم سببها لأنها ابتعدت عن اللّه، وآذت شعبه. وهذه النبوات
تفصيل للنبوة الأصلية في يوئيل 19: 3 و20. وعندما يزور الناس موقع أدوم اليوم
ينذهلون من دقة تحقيق نبوة إشعياء 34.

 ونقدّم
هنا تاريخ أدوم قبل هذه النبوات، وبعدها:

 أما
تاريخ أدوم قبل هذه النبوات فهو عاصف لا يهدأ. فبعد موت الملك شاول أظهرَ أهل أدوم
عداوتهم لاسرائيل، وإذ كان الملك داود مشغولاً بإخضاع الملك هَدَدْعزر ملك صوبة في
شمال سوريا، هاجم الأدوميون الجزء الجنوبي من أرض يهوذا مهددين العاصمة أورشليم،
فرجع داود وهاجم أدوم وقتل 18 ألف أدومياً في وادي الملح جنوب البحر الميت. وظلت
أدوم خاضعة لمملكة يهوذا حتى حكم يهورام من 853 – 841 ق.م. وبعد موت يهورام بخمسين
سنة غزا أمصيا ملك يهوذا أدوم واستولى على حصنها سالع (سالع كلمة عبرية معناها
صخرة، والبتراء هي كلمة صخرة في اللغة اليونانية).

 وبعد
اضمحلال أشور زحفت جحافل الكلدانيين على شرق الأردن والتهمت أدوم وأمما أخرى (52).

 أما
تاريخ أدوم بعد هذه النبوات، فإن سقوط مملكة أشور كان الموعد التقريبي لإتمام
النبوات ضد أدوم.. أما بقية تاريخ أدوم فهو ما حدث بعد أن تحققت النبوات. ولعل
النبطيين هم “بنو المشرق” المذكورون في حزقيال 4: 25، في القرن السادس
ق.م. ومن المكابيين الأول 3: 5 نرى أن اليهود هزموا أدوم. ويقول يوسيفوس إن
هيركانوس وسمعان الجيراسي هاجما أدوم تباعاً. وهكذا تحققت هذه النبوة.

 وفي
وقت ميلاد المسيح كانت البتراء مزدهرة، فقد كانت في طريق

التجارة
إلى آسيا، كما يقول المؤرخ سترابو وكانت سوقاً لتجارة العطور والأطياب العربية.
وفي خلال الحكم الروماني جمعوا الأدوميون لليهود، وصار اسم المملكة الواحدة
“أدومية”. وقبيل حصار تيطس لأورشليم سُمِح لعشرين ألف أدومي بدخول
المدينة المقدسة فعاثوا فيها سرقة وقتلاً. ومنذ ذلك الوقت اختفى ذكر الأدوميين
(بني عيسو) من التاريخ! (38).

 وعندما
احتاج اليهود إلى العون في أثناء الحصار الروماني (70 م) كان الأدوميون أكثر ما
يكونون أذى. وبعد مذبحة اليهود، عاد الأدوميون إلى بلادهم، ليختفي ذكرهم من صفحات
التاريخ، ولو أن عاصمتهم البتراء استمرت. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن
اضمحلال البتراء بدأ قبل الغزو الإسلامي لها في القرن السابع الميلادي (نبوة رقم
3). وقد بنى الصليبيون قلعة هناك في القرن الثاني عشر، واحتلها فيما بعد القبائل
الرحَّل، وظلت على هذه الحال حتى اكتشف موقعها الرحالة السويسري بوركهارت عام 1812
(37) – (وهكذا تحققت النبوة رقم 8).

 ويقول
هنري موريس إن أدوم تُذكَر كثيراً في الكتاب المقدس، ولكنها سقطت من تاريخ العالم
حتى القرن التاسع عشر. وقد ظن بعض النقاد أن أدوم لم يكن لها وجود، حتى ظهرت
كتابات عنها في الآثار المصرية والأشورية، وأخيراً أظهرت الحفريات أطلال البتراء
نفسها، مدينة الصخرة، فأُفحِم النقّاد الذين كانوا يظنونها أسطورة” (43).

 كانت
البتراء إحدى عجائب العالم القديم، مبنية في جبل صخري، وكان الكثير من أبنيتها
محفوراً في الصخر الأحمر الوردي، فكانت رائعة الجمال مستحيلة على الغزاة، لها مدخل
واحد ضيق يشبه الخندق يمكن أن تحميه فرقة صغيرة من العسكر تهزم جيشاً كبيراً من
الأعداء.

 ولكن
ما هو حال البتراء اليوم؟ يصفها جورج آدم سميث مقتبساً من كُتَّاب مختلفين يقول:

 “لقد
تمت هذه النبوات عن أدوم بدقة متناهية. إن أصوات الشواهين والصقور والبوم الكثير،
تملأ المكان وتزيده وحشة. لقد قال النبي إنها تصير مسكن النكَّازة (أي الحيات) وهي
اليوم تعج بالسحالي والثعابين والعقارب التي يخشاها الناس.. وقد قال الأدلاَّء
لبعض السياح أنهم كثيرا ما رأوا الأسود والنمور في البتراء، ولو أنها لم تنزل إلى
الوادي. ويذكر النبي “معز الوحش” وهي في العبرية “الساطير” التي
تعني “ذات الشعر”. وقد وُجد الكثير منه على الجبال في البتراء”
(وهكذا تحققت النبوّات رقم 1، 2، 7، 9) (53).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

نرجو اغلاق مانع الاعلانات لدعم الموقع كي نتمكن من الاستمرار